نفى وزير العدل حافظ الأختام، الطيب بلعيز، اتهامات نواب المجلس الشعبي الوطني بأن يكون استفراده بتعيين قاض لتولي مهمة رئاسة الديوان بالمحكمة العليا بمثابة »تدخل من السلطة التنفيذية في عمل هذه الهيئة«. وهو الموقف ذاته الذي أبداه بخصوص تعيين رئيس ديوان مجلس الدولة، مشيرا إلى أن المهمة الموكلة لهؤلاء القضاة في إطار هذه المسؤولية »ليست إدارية وإنما تخضع للتعامل بموجب القانون«. انتقد عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني ما جاء في مضمون كل من مشروع القانون التمهيدي الذي يُحدّد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصها، وكذا مشروع القانون العضوي المعدّل والمتمّم للقانون رقم 98-01 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، واجتمعت أغلب الملاحظات على رفض بعض المواد التي تمنح وزير العدل صلاحية تعيين القضاة لتولي منصب رئيس الديوان في الهيئتين أو في منصب مستشارين. ولذلك فقد اعتبر المتدخلون أمس خلال جلسة علنية لمناقشة النصّين أن هذا الإجراء »لن يحلّ هاجس ضمان استقلالية العدالة«، وهناك من ذهب إلى وصف مضمون المادة 11 من القانون الخاص بالمحكمة العليا بأنه »إخضاع الهيئة لسلطة الوزير«، مثلما اقترح البعض اللجوء إلى طريقة الانتخاب بعقد جمعيات عامة مع تسجيل عدد من التحفظات التي تُعيب على هذا القانون »تكليف القاضي بمهام إدارية في وقت تتراكم فيه القضايا بالمحاكم«. وأكثر من ذلك فإن نواب كتلة حركة مجتمع السلم وصلوا إلى حدّ اتهام وزير العدل ب »المساس بإحدى الثوابت الوطنية« بحجة أن القانون الجديد المتعلق بسير المحكمة العليا ألغى المادة الخامسة من القانون القديم التي تؤكد على إجبارية إصدار الأحكام والأوامر والقرارات باللغة العربية، وتساءل هؤلاء عن خلفية هذا الإسقاط مثلما أشار إليه النائب عبد القادر بلقاسم قوادري الذي اقتنع أن المشروع »لم يتطرّق إلى عمق انشغالات المواطن«. لكن كل هذه المخاوف سُرعان ما أسقطها الطيب بلعيز الذي بادر إلى الردّ فورا على الاتهامات التي طالته عندما ترك الانطباع بأنها غالبا ما جاءت عن »عدم دراية«، وخصّ تحديدا ما تعلّق بشق اللغة العربية حيث أبلغ منتقديه بأن هذا المشروع متصل بقانون الإجراءات المدنية والجزائية الذي يتضمن في مادته الثامنة بندا صريحا يُحيل على إجبارية التعامل بالعربية »إذن ليس هناك تراجع عن أحكام الدستور ولذلك لا يُمكن صدور حكم قضائي إلا باللغة العربية« وبالتالي »فإننا لا نحتاج إلى تكرار هذه المادة مرة أخرى مع وجودها في القانون الأم«. أما في الجانب المتصل بصلاحية تعيين قاض لرئاسة ديوان المحكمة العليا وإمكانية تعيين قضاة آخرين بديوان الرئيس الأول لهذه الهيئة أو حتى لمجلس الدولة، أوضح بلعيز أن ذلك لا يمس إطلاقا باستقلالية عملهما، مشيرا إلى أن تكفل الوزير بهذه المهمة يعود بالأساس إلى »معرفته الشخصية بالقطاع والمسار المهني لقضاة المحاكم«، وأضاف أن عمل هؤلاء القضاة ليس إداريا بقدر ما ليست لهم علاقة برئيسي المحكمة العليا ومجلس الدولة خلافا للاعتقاد السائد لدى النواب. وتبنى وزير العدل الموقف ذاته لدى خوضه في قضية تعيين كاتب الضبط الرئيسي بالمحكمة العليا، معتبرا في سياق حديثه أن جميع القضاة المعيّنين يتعاملون مع القضاء وليس مع رئيسي الهيئتين، وذكر أن هناك 25 قاضيا يشتغلون حاليا في المصالح الإدارية للمحكم العليا، ورأى أنه من الطبيعي الاستعانة بالقضاة أصحاب الخبرة التي تقل عن 20 عاما وبالتالي »فإن التعيين لا يمسّ باستقلالية المحكمة العليا ولا بمجلس الدولة« بحسب المتحدث الذي شرح »الاجتهاد القضائي« للحكمة العليا على أنه يتم باجتماع كل الغرف التي جاء بها القانون الخاص بهذه الهيئة ليتم الاتفاق على قرار بأغلبية القضاة عن طريق الاجتهاد في حكم معيّن. وأمام تزايد الانشغال بتراكم القضايا في المحكمة العليا وبطئ تنفيذ الأحكام النهائية، فإن بلعيز أرجع ذلك إلى كثرة القضايا المتعلقة بالجنح والمخالفات، ورغم أنه اعتبرها بسيطة إلا أن ذلك ساهم في عرقلة عمل الهيئة، وقال: »لقد اصطدمنا بعائق دستوري وهو حق الطعن ولذلك فإن الحل يكمن في تعديل الدستور« إضافة تقديم حلّ آخر عن طريق الوساطة القضائية.