قررت الحكومة في مشروع قانون الإعلام الذي سيفصل بشأنه اليوم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إخضاع مهنة الإعلام المكتوب والإلكتروني لسلطة ضبط تتولى تنظيم الصحافة المكتوبة بمنح الاعتماد للعناوين الإعلامية وسحبه في حال مخالفة القانون، وترفع تقريرا سنويا لرئيس الجمهورية. كما أشار مشروع القانون إلى فتح مجال السمعي البصري للخواص وإنشاء سلطة ضبط خاصة به في انتظار إصدار قانون خاص بالسمعي البصري لاحقا، كما ألغت الحكومة عقوبات السجن للصحفيين واستبدلتها بالعقوبات المالية. جاء مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام في نسخته المنقحة التي سيناقشها اليوم مجلس الوزراء قبل إحالة المشروع على المجلس الشعبي الوطني، في 132 مادة موزعة على 12 بابا، بهدف تحيين قانون الإعلام 90-07 الذي لم يكن بالإمكان تطبيقه مثلما جاء في عرض الأسباب الذي أعدته الحكومة والإفلات من تداعيات الظرف السياسي الأمني الذي عاشته الجزائر خلال عشرية التسعينيات والتي أدى تسييرها إلى إرساء حالة الطوارئ وتسيير مراقب للمعلومة الأمنية إلى جانب إلغاء المجلس الأعلى للإعلام بمرسوم تشريعي رغم كون هذه المؤسسة العمود الفقري للنظام الإعلامي الديمقراطي. وقد قررت الحكومة في إعدادها لمشروع قانون الإعلام الذي حصلت »صوت الأحرار « على نسخة منه، إعادة الاعتبار للمجلس الأعلى للإعلام، إلا أنها ارتأت وبالنظر للخصوصية التي تميز النشاط الإعلامي، استبدال المجلس بسلطتي ضبط واحدة للصحافة المكتوبة وأخرى تخص النشاط السمعي البصري، وهو أهم ما حمله مشروع القانون الجديد مثلما تنص عليه المادة 93 من القانون وترفه هذه السلطة سنويا تقريرا إلى رئيس الجمهورية حول نشاطها، وتتشكل سلطة الضبط من 14 عضوا يعينون بمرسوم رئاسي، منهم 3 أعضاء بينهم رئيس الهيئة يعينهم رئيس الجمهورية و2 غير برلمانيين يعنهما رئيس المجلس الشعبي الوطني و2 غير برلمانيين أيضا يعنهما رئيس مجلس الأمة، على أن ينتخب 7 أعضاء المتبقيين بالأغلبية من بين الصحفيين المحترفين الذين يثبتون 15 سنة على الأقل خبرة مهنية، أما مدة عضوية الهيئة فقد حددها مشروع القانون ب6 سنوات، كما ينص القانون صراحة على ضرورة تخلي أعضاء سلطة الضبط خلال عهدتهم الانتخابية عن ممارسة أية وظيفة عمومية وكل نشاط مهني، كما لا يجوز لأعضاء هذه الهيئة وكذا أفراد أسرهم وأصولهم وفروعهم وحواشيهم إلى الدرجة الثانية أن يمارسوا ممارسة مباشرة أو غير مباشرة مسؤوليات أو يحوزوا مساهمة في مؤسسة مرتبطة بقطاعي الإعلام أو الإتصال. وقد أحال القانون مهمة منح الاعتماد للعناوين الإعلامية لسلطة الضبط بدلا من وزارة العدل في القانون الساري، حيث تنص المادة 11 من المشروع على أن إصدار كل نشرية يتم بكل حرية ويخضع لأغراض التسجيل إلى إيداع تصريح مسبق من طرف المدير المسؤول عن النشرية لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة قبل 60 يوما من صدور العدد الأول مقابل الحصول على وصل من الهيئة نفسها التي تمنحه الاعتماد بعد انقضاء مدة ال60 يوما، كما يترتب على عدم صدور النشرية في ظرف 90 يوما من تاريخ الحصول على العنوان سحب الاعتماد، كما يمنع مشروع القانون الجديد التنازل على العنوان لصالح آخرين . وبالنسبة للنشاط السمعي البصري الذي ظل حكرا على الدولة لسنوات، قررت الحكومة من خلال مشروع القانون الذي سينظر فيه اليوم مجلس الوزراء فتح القطاع للخواص، حيث تنص المادة 40 من مشروع القانون على إمكانية ممارسة النشاط السمعي البصري من قبل هيئات عمومية ومؤسسات وأجهزة القطاع العمومي إلى جانب المؤسسات أو الشركات الخاضعة للقانون الخاص الجزائري، على أن يمارس هذا النشاط طبقا للتشريع المعمول به وتحدد كيفيات التبعة للخدمة العمومية عن طريق التنظيم، كما ينص المشروع في مادته 44 على تأسيس سلطة ضبط للسمعي البصري، تحدد تشكيلتها وسيرها وصلاحيتها في القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري. كما بادر مشروع القانون الجديد للإعلام على تنظيم الإعلام الإلكتروني الذي سيخضع بدوره ومثلما تنص عليه المادة 52 إلى إيداع تصريح مسبق من المدير المسؤول عن جهاز هذا العنوان الإلكتروني. وفيما يتعلق بالنشاط الإعلامي للصحفي، يحدد القانون بوضوح العلاقة المهنية بين الصحفي المحترف وأصحاب العمل سواء كانت وسيلة إعلام وطنية أو أجنبية وهي العلاقة التي تخضع لعقد مكتوب، كما يعترف القانون في مادته 62 للصحفيين بحق الوصول إلى مصادر الخبر ماعدا بعض الحالات التي يلخصها القانون في سر الدفاع الوطني والمساس بالسيادة الوطنية وسر التحقيق القضائي وعندما يمس الخبر بالسياسة الخارجية والمصالح الاقتصادية للبلاد. وفي باب المخالفات المرتكبة عن طريق الصحافة فقد أسقط مشروع القانون عقوبة السجن وعوضها بالعقوبات المالية التي تتحملها الوسيلة الإعلامية والتي تصل إلى 50 مليون سنتيم، كما تمنح الحكومة مهلة سنة واحدة بداية من تاريخ تنصيب سلطة ضبط الصحافة المكتوبة لأجهزة الإعلام الحالية لتسوية وضعيتها بما يتطابق وأحكام القانون الجديد .