يأتي إعلان وزارة الاتصال عن تنظيم جلسات وطنية حول مشروع قانون الإشهار في شهر سبتمبر المقبل ضمن خطوات تسريع وتيرة التحضير لمختلف النصوص التشريعية الأساسية التي تضمنها مشروع الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة منذ أفريل الماضي، وتعمل الحكومة حاليا على تحضير الصيغ النهائية لها لعرضها على مجلس الوزراء للمصادقة عليها ثم إحالتها على البرلمان في دورته التي تفتتح مطلع الشهر المقبل. ويتزامن تنظيم الجلسات الوطنية حول الإشهار مع استكمال الحكومة لعدد من مشاريع النصوص المعنية بالتعديل والمراجعة في إطار الإصلاحات السياسية، حيث يرتقب أن يتم خلال شهر سبتمبر القادم إيداع 5 مشاريع قوانين على الأقل على مكتب رئيس المجلس الشعبي الوطني بعد أن تتم المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء، ويتعلق الأمر بشكل أساسي بمشاريع قوانين الأحزاب السياسية، والجمعيات والانتخابات، ومشاركة المرأة في المجالس النيابية، علاوة على مشروع قانون الإعلام الذي أنهت وزارة الاتصال صياغته مؤخرا، مما يتيح لها التفرغ لمشروع قانون الإشهار الذي يعد هو الآخر من أبرز مشاريع القوانين التي كلف الرئيس بوتفليقة الحكومة بتسريع عملية التحضير لها إلى جانب مشروع سبر الآراء. ولا يستبعد المتتبعون أن تستعين وزارة الاتصال خلال الجلسات المنظمة في سبتمبر حول الإشهار بمشروع قانون الإشهار المجمد على مستوى مكتب مجلس الأمة منذ سنة ,1999 وذلك ضمن مسعى ربح الوقت والتسريع في وتيرة التحضير لهذا المشروع، لا سيما وانه بغض النظر عن بعض الانتقادات والملاحظات التي تم تسجيلها على هذا المشروع فإن العديد ممن اطلعوا عليه يجمعون على وجود العديد من النقاط الإيجابية في هذا المشروع الذي يمكن إثراؤه وتحيينه بالشكل الذي يجعل منه مشروعا يستجيب للتطلعات والأهداف المرجوة منه، كما يرتقب أن تساهم بعض التشكيلات السياسية في إثراء النقاش العام حول الإشهار، وذلك انطلاقا من النتائج والتقارير التي خلصت إليها ورشاتها الخاصة التي قامت بتنصيبها في إطار الإصلاحات السياسية، مع الإشارة في هذا السياق إلى أن أهم المبادئ والأهداف التي ينتظر أن يتضمنها مشروع القانون الخاص بالإشهار، تكريس حرية نشاطات الإشهار وضمان الشفافية فيها وحماية المستهلك والسهر على عدم بروز احتكارات في هذا القطاع، تجنبا لتداعيات قد تمس مختلف الأصعدة وخاصة السياسية منها. ويحتل قطاع الاتصال بشكل عام حيزا هاما من محاور الإصلاحات السياسية التي حدد رئيس الجمهورية معالمها في اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في 2 ماي الماضي، حيث لم يقتصر الأمر على رفع التجريم على الجنحة الصحفية، من خلال إلغاء عقوبة الحبس المنصوص عليها في المادتين 144 مكرر و146 من قانون العقوبات، فحسب بل تعدى ذلك إلى تكليفه الحكومة بتعجيل صياغة المشروع العضوي المتعلق بالإعلام والإعلان عن إنشاء لجنة مستقلة من الخبراء في مجال الإعلام السمعي البصري والاتصال، توكل لها مهمة اقتراح السبل والوسائل الكفيلة بتحسين المجال السمعي البصري وترقية الاتصال بواسطة تكنولوجيات الإعلام الجديدة وتحديد الميادين التي ستساهم المساعدة العمومية من خلالها في ازدهار الصحافة المكتوبة. كما أعلن في سياق متصل انه سيتم بعد إصدار قانون الإعلام الجديد تنصيب سلطة ضبط تعنى بالأجهزة الإعلامية وتعنى بالسهر على مراعاة ما تكرسه حرية التعبير من مبادئ وضمان حق الأحزاب السياسية في التعبير عبر الوسائط الإعلامية السمعية البصرية والمساهمة في احترام الأخلاقيات ومراعاة الواجبات، وأمر الحكومة بإعداد مشاريع القوانين المتعلقة بالإشهار وسبر الآراء عبر الوسائط الإعلامية، وهو ما يبرز موقع ومكانة قطاع الاتصال بمختلف فروعه في سياسة الإصلاحات الشاملة التي تنشدها الدولة في إطار تكريس التغيير الذي تتطلع له مختلف فعاليات المجتمع الجزائري. وجدير بالذكر أن وزير الإتصال السيد ناصر مهل، سبق له أن انتقد الوضعية العامة لقطاع الإشهار في بلادنا، مشيرا في إحدى مداخلاته أمام نواب المجلس الشعبي الوطني إلى حالة ''الفوضى'' التي يشهدها قطاع الإشهار بشكل عام والاستثمار الأجنبي في هذا الميدان بصفة خاصة، معتبرا بأنه من الصعب معالجة هذه الوضعية في ظل غياب قانون للإعلام، من شأنه السماح بإصدار قانون خاص بالإشهار. وفي نفس السياق ذكر الوزير بأنه في ظل غياب قانون خاص بالإشهار فإن تنظيم هذا المجال مازال يعتمد على بعض النصوص التي تسير الإشهار في القانون 07-90 المتعلق بالإعلام، وكذا المرسوم التنفيذي رقم 63-301 المسير للإشهار التجاري ومرسوم 1991 المتعلق بالسمعي البصري، نافيا بالمناسبة أن تكون هناك سيطرة من قبل الدولة على قطاع الإشهار، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن الوكالة الوطنية للنشر والإشهار تسيطر على 45 بالمائة فقط من سوق الإشهار الموجود، فيما يبقى تداول الإشهار الآخر بين الخواص.