النص يستحدث ''سلطة ضبط وسائل الإعلام'' و''مجلس أعلى لآداب الصحافة'' يقترح وزير الاتصال ناصر امهل في المشروع التمهيدي للقانون العضوي المتعلق بالإعلام، المرتقب مناقشته في اجتماع للحكومة، مواد تهدد الصحفي بالسجن والعنوان بالتوقيف المؤقت أو الدائم. ويتضمن النص خمس مواد تتحدث عن السجن بسبب كتابات صحفية، وهو ما يتعارض تماما مع تعهدات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بخصوص رفع التجريم عن جنح الصحافة. يتناول الباب التاسع من المشروع التمهيدي، الذي اطلعت عليه ''الخبر'' بفضل مصادرها من الوزارة الأولى، المخالفات ذات الصلة بالكتابة والصوت والصورة والرسم في الإعلام. وتهدد المادة 128 من النص تحت هذا الباب، بالسجن بين سنة و5 سنوات وبغرامة تصل إلى 500 ألف دينار، الصحفي ومدير النشر في حال ''التحريض على ارتكاب الجنايات والجنح ضد أمن الدولة والوحدة الوطنية''. ويقع تحت طائلة السجن أيضا (المادة 130) كل من ينشر معلومة أو وثيقة يمكن أن تلحق ضررا بسرية التحقيق، أو البحث الأولي في الجرائم والجنح. وتتراوح عقوبة السجن في هذه الحالة بين شهر و6 أشهر. وتتناول المادة 132 البث أو النشر ''بقصد الإضرار بهوية وشخصية القصّر''، وتكون العقوبة في هذه الحالة السجن بين ثلاثة أشهر وسنة وبغرامة تصل إلى 100 ألف دينار. وتنص المادة التي تليها على سجن الصحفي لمدة تصل إلى ستة أشهر وبغرامة أقصاها 100 ألف دينار، إذا نشر مضمون مداولات الهيئات القضائية في حال كانت جلسات المحاكمة مغلقة. وتصل العقوبة إلى ثلاثة أشهر سجنا (المادة 134) ضد الصحفي الذي ينشر مداولات المحاكمة المتعلقة بخصوصيات الأشخاص أو بالإجهاض. وتهدد المادة التي تليها الصحفي بالسجن قد يصل إلى خمس سنوات في حال ثبتت ضده تهمة التشهير المباشر أو غير المباشر بالأعمال الموصوفة جناية أو جنحة. ويحيل مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام الذي أعده وزير الاتصال، بعض المواد على قانون العقوبات. منها ما يتصل بنشر معلومات أو وثائق مصنفة ضمن أسرار الدفاع. ويلاحظ على المشروع أنه يلوّح بتوقيف العنوان الإعلامي مؤقتا أو بصفة دائمة، في حال لم تعلن عن مصدر الأموال المشكل لرأس مال المؤسسة الناشرة للعنوان. وأكثر ما يلفت الانتباه بعد قراءة هذه المواد الخمس التي تتحدث عن السجن، أن النص لا يعكس وعود رئيس الجمهورية التي قطعها في خطاب 15 أفريل الماضي، بشأن رفع التجريم عن الكتابات الصحفية. ولا تستجيب إحالة الصحافيين على قانون العقوبات، إلى مطالب أهل المهنة بمحاكمتهم وفق قانون الإعلام فقط، عندما يتابعون قضائيا. ويستحدث المشروع التمهيدي ''سلطة لضبط وسائل الإعلام''، تعوّض المجلس الأعلى للإعلام المنصوص عليه في قانون 1990 وغير الموجود عمليا. وتكلف سلطة الضبط بأحدى عشر مهمة، حسب المادة 98، من بينها تحديد كيفيات تطبيق حقوق التعبير عن الرأي، وتضمن استقلالية وحياد الخدمة العمومية للإعلام والاتصال والفصل في النزاعات المتعلقة بحرية التعبير، وتحدد قواعد التوزيع العادل للإعانات والمساعدات التي تمنحها الدولة لأجهزة الإعلام. وتعمل سلطة الضبط على تدعيم النشر والبث باللغات الوطنية، وتسهر على تجنب أن تقع العناوين والأجهزة تحت التأثير المالي والسياسي والإيديولوجي لمالك واحد. ويعهد لهذه السلطة أيضا، تلقي التصاريح المسبقة الخاصة بإصدار نشرية دورية. وتتولى سلطة الضبط رفع تقرير سنوي إلى رئيس الجمهورية، تبين فيه نشاطها ومدى تنفيذ القانون العضوي للإعلام واحترام دفاتر الشروط التي تعدها الخاصة بالترددات الكهربائية والتلفزية. وتتكون سلطة الضبط، كما تحدده المادة 112، من 14 عضوا يعينون بمرسوم رئاسي. ثلاثة يعينهم رئيس الجمهورية ومن بينهم رئيس سلطة الضبط، وعضوان يعينهما المجلس الشعبي الوطني، وعضوان يعينهما مجلس الأمة. وسبعة أعضاء ينتخبون بالأغلبية من بين الصحافيين المحترفين الذين يملكون خبرة لا تقل عن 15 سنة في المهنة. وتمنع المادة 116 أعضاءها من ممارسة أي وظيفة أو امتلاك أسهم في مؤسسات إعلامية. ويتضمن المشروع التمهيدي المقترح من طرف الوزارة، تحرير الإعلام سمعي البصري. إذ تذكر المادة 46 منه ''يمارس نشاط الاتصال بكل حرية عن طريق السمعي البصري، وذلك من طرف هيئات عمومية ومؤسسات وأجهزة القطاع العمومي ومؤسسات أو شركات تخضع للقانون الخاص الجزائري''. ويفرد المشروع التمهيدي فصلا لآداب وأخلاقيات المهنة، ويستحدث ''مجلسا أعلى لآداب وأخلاقيات الصحافة'' ينتخب أعضاؤه من طرف الصحافيين المحترفين. أما قواعد الآداب والأخلاقيات فيقرها الصحافيون بأنفسهم وتكرس بموجب ''ميثاق''، حسب المادة 81 من النص. وأهم ما يضطلع به المجلس أنه يصدر عقوبات، يتولى أعضاؤه تحديد نوعها.