دعا الأستاذ الجامعي المتخصّص في تاريخ الثورة التحريرية أجيال الاستقلال إلى تحمل كل مسؤوليتها في خوض غمار مسيرة البناء والتشييد للجزائر التي ضحّى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد، مؤكدا أن شباب اليوم ليس أقلّ فطنة وحنكة من شباب الأمس الذين أسسوا المنظمة الخاصة، والتي مهدت بالدرجة الأولى لانطلاق شرارة الثورة التحريرية. قال الأستاذ المحاضر محمد لحسن زغيدي خلال تنشيطه ندوة بمركز البحوث الإستراتيجية والأمنية بعنوان »دور المنظمة الخاصة في التحضير لثورة التحرير الجزائرية« أمس، إن جيل الثورة بالأمس قاد شرارة الثورة على أعتى قوة استعمارية في ذلك العصر، فلا يوجد أي مبرر لاتخاذ مثل تلك القرارات السلبية التي يحاول البعض جعلها نقطة سوداء في تاريخ الجزائر ككل. وفي استعراضه لمسيرة تشكيل المنظمة الخاصة وتداعياتها على الحركة الوطنية آنذاك، ذكر المحاضر أن المؤتمر الجامع لحزب الشعب بعد عودة مصالي الحاج من المنفى بتاريخ 15 و16 فيفري 1947، كان أول منعرج مهم في تاريخ الحركة الوطنية بين تيار المحافظين والمجددين وبين تيار آخر يمثله الشباب المتعطشون لتغيير طريقة النضال باعتماد العمل المسلح، وهو ما كان بإعلان إنشاء المنظمة الخاصة التي تبنت عدة هجومات وتزعمها محمد بلوزداد. وقبل هذا ذكر المتحدث أن من الأسباب المساهمة في تبني الإستراتيجية العسكرية هو سقوط باريس سنة 1940 في يد النازية ونزول الحلفاء بميناء الجزائر وتصاعد أسئلة ما هو مستقبل الجزائر، كلها ساهمت في تبلور فكرة العمل المسلح، وضرورة إنهاء النظام الاستعماري. ولم تبق المنظمة مكتوفة الأيدي –يضيف المتحدث- خاصة بعدما اعتمدت هيكلة متناسقة، ترتكز على تكوين ضباط مهمتهم الأولى تأطير المواطنين في مختلف ربوع الوطن، ومن ثم الوصول إلى تكوين جيش وطني يتولى تحرير البلاد، ومن بين المصالح التي تم تشكيلها »الاستخبارات، الاتصالات، شبكة التموين والتخزين..«، والتقسيم الإقليمي لمختلف أرجاء الوطن، والتركيز على خيار شن حرب ثورية تنبني على توظيف الجماهير الشعبية في معركة التحرير الوطني. وبعد الشروع في التكوين والتدريب التي خضعت للطابع الانتقائي المرتكز على الدقة والصرامة في الشروط وقساوة النظام، بلغ عدد المكونين عسكريا ونظريا 1500 شخص، أخذ عامل التسلح جانبا مهما في مخطط عمل المنظمة، حيث تكفل بذلك »جماعة واد سوف« كما قال، وقامت بعدة عمليات نوعية، سرعان ما تم اكتشاف أمرها أوقف على إثرها 450 شخص، وهو ما تطلب إعلان القيادة حل المنظمة سنة 1951 بشكل نهائي. وخلص الأستاذ المحاضر إلى أن اكتشاف مخطط عمل المنظمة وخرائطها أخر اندلاع الثورة لمدة أربع سنوات وتشتيت كل المخططات، ولكن المتحدث ربط إجهاض عمل المنظمة بمثابة السبب الأول والممهد في اندلاع الثورة، من خلال تشكيل قيادة وطنية والإعلان عن الثورة فيما بعد.