أكد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية بأن الانتخابات التشريعية ل 10 ماي الجاري اختبار ومحك لمصداقية البلاد وأن المشاركة في هذا الموعد الهام أمانة عظمى لسد الطريق أمام المتربصين بالجزائر والساعين إلى تقويض أركان الدولة وإدخالها في متاهات يصعب التكهن بها. وأكد رئيس الدولة خلال التجمع الشعبي الذي أشرف عليه، أمس، بمدينة سطيف بمناسبة إحياء الذكرى السابعة والستين لمجازر 8 ماي 45 أن الجزائر تعيش مرحلة مفصلية تتطلب من الجميع تكاثف الجهود وصلابة الصف على أولئك الذين يتربصون بها لكون هذه المرحلة حساسة ومفتوحة على جملة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن هذا المنطلق دعا بوتفليقة جميع القوى الحية في البلاد إلى الذهاب بقوة إلى صناديق الاقتراع لأداء الواجب الوطني، موضحا أهمية هذا الموعد الهام في تاريخ التعددية السياسية في الجزائر من أجل المحافظة وحماية السيادة الوطنية التي ضحى من أجلها قوافل من الشهداء. وأضاف بأن هذه الاستحقاقات مغايرة تماما لسابقاتها من حيث توفير الضمانات الكافية لشفافيتها ونزاهتها خاصة وأنها تأتي في ظروف مواتية ميزتها الإصلاحات السياسية التي باشرتها الدولة من خلال تعديل ووضع مجموعة من القوانين التي تهدف إلى تكريس الديمقراطية السياسية والإعلامية وفتح المجال السياسي أمام كل القوى الحية بمختلف توجهاتها الفكرية والإيديولوجية. وأبرز رئيس الجمهورية أهمية هذا الموعد الانتخابي الهام لكونه يشكل وثبة نوعية في مجال التعددية السياسية وكذا في تجسيد إصلاحات عميقة وأكثر شمولية ومنها تعديل ومراجعة الدستور الذي يحدد معالم النظام السياسي ونمط الحكم السياسي في الجزائر، داعيا الشعب إلى توحيد صفوفه في إطار جمعيات استعدادا لتحمل المسؤولية التي ستلقى على عاتقه في المستقبل، مبرزا في هذا الخصوص بأن »دور المجاهدين قد انتهى بالنسبة لتسيير دواليب السلطة في الدولة بعد خمسين سنة من تحمل المسؤولية، وهي مدة كافية لهؤلاء حتى يسلموا المشعل للشباب الذي سيتولى هذه المسؤولية بكل عزم واقتدار«، مؤكدا على ضرورة تجاوز المغالطات والشعارات التي ترفع هنا وهناك والتي لا طائل منها• وواصل رئيس الجمهورية مخاطبا الشباب بأنه وبالرغم من النقائص المسجلة على صعيد التنمية فإن ما تحقق من انجازات ليدعو إلى الافتخار والاعتزاز، حيث أن الجزائر بفضل سواعد أبنائها قد حققت الكثير والكثير من المنجزات العظيمة التي لا يمكن نكرانها أو تجاوزها في جميع المجالات سواء تعلق الأمر بالتعليم أو الصحة، ليؤكد على »أننا مستعدون لكل من يريد أن يحاسبنا«. وفي معرض حديثه عن المصالحة الوطنية قال بأننا سنذهب إلى مصالحة وطنية أعمق، مبرزا المرحلة الصعبة التي عرفتها الجزائر خلال فترة التسعينات والتضحيات التي قدمها الغيورون من أبناء الجزائر وعلى رأسهم الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن، مؤكدا في هذا السياق على ضرورة نبذ العنف مهما كان مصدره وتكريس ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر. ودائما في إطار تعبئة شرائح المجتمع لإنجاح الموعد الانتخابي المقبل دعا رئيس الجمهورية كل فئات المجتمع إلى الذهاب جميعا إلى صناديق الاقتراع لاختيار بكل حرية ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني دون أبوية أو إملاءات مهما كان مصدرها ليؤكد بأن انتماءه السياسي معروف لدى الجميع في إشارة إلى حزب جبهة التحرير الوطني. ومن جهة أخرى لمّح رئيس الجمهورية إلى إمكانية عدم ترشحه لعهدة رابعة بعد مناشدته من طرق المواطنين في القاعة، حيث قال »لا يكلف الله نفسا إلا وسعها« ومستشهدا بالمثل القائل »شطحات كثيرة في الرأس والرجل ما قدرت عليها«، وكذا ترديده عدة مرات »نحن جيل طاب جناننّا«. كما لم يفوت رئيس الجمهورية الفرصة ليذكر بالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري خلال مظاهرات الثامن ماي 45 التي أراد منها الجزائريون مشاركة العالم احتفاءه بدحر النازية في الحرب العالمية الثانية، فإذا بهم يواجهون بقوة السلاح، حيث سقط منهم زهاء 45 ألف شهيد ذهبوا قربانا على مذبح الحرية والانعتاق. وأكد بأن هذه المجازر ستبقى راسخة على الدوام في أذهان شعبنا العظيم الذي واجه قوى الشر والطغيان، ليدعو مرة أخرى الشباب الجزائري لاستلهام العبر والدروس من تضحيات الأباء مخاطبا إياهم على ضرورة دراسة التاريخ. وكان رئيس الدولة قد حل صبيحة أمس بمدينة سطيف، حيث حظي باستقبال جماهيري حاشد قبل أن يترحم على أرواح ضحايا ومجازر 8 ماي 45 بالمكان الذي سقط فيه الشهيد سعال بوزيد.