وجه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعليمات صارمة لوزير التجارة والسلطات المعنية لمضاعفة الجهود والتجند خلال شهر رمضان المعظم لحماية القدرة الشرائية للمواطن، مشددا على ضرورة إنجاز شبكة أسواق التوزيع وطنية وجهوية ومحلية وحتى جوارية، فيما انتقد ممارسات الوكلاء الاقتصاديين الذين يتمادون بصفة مشينة من خلال الغش في الأعمال والتجارة. م.سعيدي/واج أكد الرئيس بوتفليقة خلال اللقاء الذي جمعه بوزير التجارة الهاشمي جعبوب في ثاني جلسات الاستماع أن الحصيلة التي قدمتها وزارة التجارة تبرز الاختلالات الناجمة عن عدم احترام القوانين و حقوق الغير، وذلك ما يمثل حسب الرئيس إرثا عن المأساة الأليمة التي عاشتها الجزائر والتي كرست الدولة خلالها جهودها لحماية المواطن من ويلات الإرهاب. وأوضح بوتفليقة أن الحصيلة التي تمت مناقشتها تبين أن عددا كبيرا من الوكلاء الاقتصاديين يسعون إلى تحويل تحرير النشاطات الاقتصادية و التجارية إلى وضعية لا قانون حقيقية و يتمادون فيها بصفة مشينة من خلال الغش في الأعمال والتجارة، مشددا على ضرورة أن تجعل الدولة من مراقبة وضبط الحقل الاقتصادي بما فيه التجارة أولوية وطنية حقيقية، مضيفا بأن التقويم الوطني سجل بدون شك تقدما في كل الميادين بما في ذلك الخدمات الاجتماعية و مختلف أنواع الدعم العمومي لتحسين ظروف معيشة شعبنا. لكن آثار هذه الجهود أحبطتها أعمال الغش التي تعيب النشاط الاقتصادي وخاصة التجارة و كذا اللامبالاة التي تلحق الضرر بسمعة و نشاط مصالح المراقبة و كل هذه الوضعية يجب أن تتغير حتما" كما أضاف رئيس الدولة موجها عددا من التوجيهات للحكومة. وطالب رئيس الجمهورية من الحكومة الإسراع في استكمال تأهيل التشريع والتنظيم الخاص بتأطير المراقبة والضبط الاقتصادي والتجاري على أن يجهز هذا الملف مع نهاية سنة 2009 كأخر أجل، موضحا أن تأطير النشاطات الاقتصادية يجب أن يكون انشغالا وطنيا كما يجب "ألا تخضع ترقيتها إلى الضرورات المترتبة عن اعتبارات غير موضوعية" وتابع رئيس الجمهورية قائلا بخصوص دعم مصالح الضرائب " إن مصالح المراقبة التجارية يجب أن تصبح من الآن فصاعدا إحدى أولوياتنا لتعزيز دولة القانون وفرض احترام القانون في الدائرة الاقتصادية وبهذا يمكن خدمة و حماية المواطن المستهلك"، مضيفا بأن الدولة ستشجع الجهود التي ستقوم بها الجماعات المحلية، مما سيحسن ظروف معيشة المواطنين لكن سيساعد أيضا الدولة في مكافحتها للدوائر الموازية والتجارة بدون فوترة وكذا مكافحة إلحاق الخطر بالصحة العمومية". وأخيرا، طلب بوتفليقة من الحكومة تطوير تنظيم زراعة البقول لكسر تصرفات المضاربة التي تستهدف الفلاحين و المواطنين المستهلكين، داعيا السلطات العمومية إلى ضبط سوق المنتجات الفلاحية وفي المستقبل اللحوم، علما أن الدولة تخصص سنويا حوالي مليار دولار لدعم الفلاحة. تصريحات رئيس الجمهورية جاءت على إثر العرض الذي قدمه وزير التجارة، حيث أكد جعبوب أن الأدوات التشريعية والتنظيمية تشهد استمرار مسار تكييفها مع التحولات الاقتصادية الجارية في البلد على غرار ما تم مؤخرا من خلال المصادقة على قانون جديد حول المنافسة، فيما تم إيداع النص المتعلق بحماية المستهلك على مستوى مكتب البرلمان كما هو الحال في المجال التنظيمي من خلال المصادقة على مراسيم خاصة مثل تلك التي يخضع لها تسويق السيارات وبعض المهن المقننة أو السجل التجاري. واستطرد الوزير قائلا "لقد رافق هذا الجهد التنظيمي في مجال ضبط النشاط التجاري تعزيز وسائل المراقبة والضبط مثل الإنجاز الجاري ل 13 مخبرا منها المخبر الوطني للتجارب ومراقبة مطابقة المنتوجات الصناعية وتوظيف أعوان المراقبة وإنشاء مركز لتكوين و تأهيل الموظفين". ومن هذا المنطلق كشف وزير التجارة عن إحصاء عدد معتبر من عمليات المراقبة التي تم تنفيذها، حيث انتقل العدد من أكثر من 720 ألف عملية خلال سنة 2007 إلى أكثر من 430 ألف عملية في السداسي الأول من سنة 2008، أما عدد المخالفات المسجلة فقد انتقل من أزيد من 115000 مخالفة سنة 2007 إلى حوالي 100000 في السداسي الأول من السنة الجارية فيما عرفت المتابعات القضائية التي باشرتها السلطات العمومية والتي فاقت 110000 متابعة سنة 2007 ارتفاعا إلى أزيد من 80000 خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية. وبخصوص تدخل دعم الدولة لفائدة المواطن، فقد أكد جعبوب أن هذا التدخل تعزز بشكل محسوس خلال السنتين الفارطة والجارية بسبب ارتفاع أسعار بعض المواد في السوق العالمية. ذلك هو شأن المادة المستوردة لإنتاج الحليب التي باتت مدعمة بحوالي 150 بالمائة من سعرها في السوق العالمية كما هو شأن القمح اللين الذي يباع بسعر 2280 دج للقنطار، في حين بلغ سعره 3000 دج في السوق الدولية ولقد سمح هذا الدعم باستقرار سعر الدقيق المباع للخبازين في حدود 2000 دج للقنطار. وفي هذا السياق قال الوزير إن دعم الدولة ابتداء من 1 جانفي 2008 شمل القمح الصلب الذي أضحى يباع بسعر 2280 دج للمطاحن في حين أن سعره في السوق العالمية يقدر بضعفه، كما أن هذا الدعم سمح باستقرار سعر السميد بين 3600 و4000 دج للقنطار حسب النوعية بعد أن بلغ 6000 دج بل تعداها سنة 2007. ومن جهة أخرى -يؤكد الوزير- سيوسع أن البرنامج الجاري تنفيذه لإنجاز أسواق الجملة والتجزئة للخضر والفواكه في إطار المخطط الخماسي القادم ليشمل إنجاز 50 سوق جملة و838 سوق تجزئة مغطاة و1000 سوق جوارية، كما سيتم تعزيز قدرات التخزين لا سيما عن طريق التبريد، وتخص هذه الحركية كذلك المذابح وأسواق الجملة للسمك والمسامك وأسواق المواشي وأسواق السيارات، كما أنه من شأن التعزيز المرتقب لهذه المرافق التجارية أن يساهم في ضبط أمثل للسوق وتحسين شروط تموين المواطنين.