طالب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الحكومة باتخاذ تدابير صارمة لحماية المستهلك عبر تكثيف الرقابة وتنقية السوق الوطنية من الممارسات المشينة للتجار خاصة في شهر رمضان، وأعطى لها مهلة الى غاية نهاية العام القادم لاستكمال تأهيل التشريع والتنظيم الخاص بتأطير المراقبة والضبط الاقتصادي والتجاري. وخصص الرئيس بوتفليقة ثاني جلسة استماع للوزراء لقطاع التجارة لما لهذا القطاع من أهمية بالغة خاصة وأن التوقيت يتزامن مع شهر الصيام، ووجه في هذا السياق انتقادات شديدة للتجار"الجشعين ووصفهم بالناهبين، الذين لا يحترمون تعاليم الدين الإسلامي الحنيف ويفتقرون لأدنى حس وطني" واتهمهم بتحويل شهر العبادة والصوم إلى فرصة للتعدي على المجتمع وتحقيق الربح غير المشروع. وأمام هذه الوضعية طالب مصالح التجارة والهيئات المعينة بتنظيم السوق بمضاعفة الجهود خلال شهر رمضان المعظم لحماية القدرة الشرائية للمواطنين حتى تكون التدابير المتخذة لفائدة المستهلك ذات قيمة فعلية. ولاحظ الرئيس بوتفليقة من خلال العرض المقدم من طرف وزير التجارة السيد الهاشمي جعبوب عدة خلالات بين الواقع في الميدان والتدابير المتخذة والسبب في ذلك عدم احترام القوانين وحقوق الغير، وان اعتبر ذلك إرثا عن المأساة الوطنية التي عاشتها البلاد الا انه أصر على ضرورة تحرك الدولة لإيقاف تصرفات الوكلاء الاقتصاديين الذين يحولون تحرير النشاط الاقتصادي والتجاري الى فوضى يمارسون خلالها "قانونا خاصا بهم". فبالنسبة للرئيس بوتفليقة فإن وضعية السوق تستدعي تكثيف المراقبة وضبط الحقل الاقتصادي بما فيه التجارة أولوية وطنية. ويذكر ان الحكومة اتخذت قبل دخول شهر رمضان سلسلة من الإجراءات ترمي إلى حماية المستهلك ومن أهمها ضمان وفرة المواد الغذائية الأساسية وأطلقت حملة تحسيس واسعة لفائدة التجار والمستهلكين. وبعد استماعه للعرض الخاص بالإجراءات التي اتخذتها الدولة لحماية القدرة الشرائية للمواطن منذ العام الماضي بفعل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في الأسواق العالمية، أوضح رئيس الجمهورية بأن تلك الجهود لم تكن أثارها بارزة ولم تنعكس إيجابا على المواطن البسيط بسبب"أعمال الغش التي تعيب النشاط الاقتصادي وخاصة التجارة وكذا اللامبالاة التي تلحق الضرر بسمعة ونشاط مصالح المراقبة"، وأبدى رفضه لاستمرار هذا الوضع وأعطى أوامر باتخاذ سلسلة من التدابير للقضاء على هذه الوضعية. وفي هذا السياق أمر الجهاز التنفيذي بالإسراع في استكمال عملية تأهيل التشريع والتنظيم الخاص بتأطير المراقبة والضبط الاقتصادي والتجاري وذلك في فترة لا تتجاوز شهر ديسمبر من العام القادم. ووجه تعليمات لتجنيد الموارد الضرورية لتطوير وتحديث وسائل المراقبة التجارية في مجال النوعية والمعايير وحماية صحة المستهلكين، وأكد ان مصالح المراقبة التجارية عليها ان تكون احد العوامل التي تساهم في تعزيز دولة والقانون. وكلف من جهة أخرى الحكومة بإدراج في البرنامج الخماسي 2009 -2014 برنامج خاص بإنجاز شبكة أسواق التوزيع وطنية وجهوية ومحلية وجوارية. واقترح تشجيع الجماعات المحلية حتى تتكفل بانجاز مثل هذه الأسواق. وشدد القاضي الأول في البلاد على ضرورة الاهتمام بالجانب الفلاحي وخاصة زراعة البقول بهدف كسر تصرفات المضاربة، وقال "يجب ان تضطلع السلطات العمومية بضبط سوق المنتجات الفلاحية وفي المستقبل اللحوم"، وأمر بتخصص حوالي مليار دولار سنويا لدعم الفلاحة قصد تطوير الإنتاج وتحسين ظروف معيشة الفلاحين. وعلى صعيد آخر أبرز نص العرض الذي قدمه السيد الهاشمي جعبوب أمام الرئيس بوتفليقة جملة من الإصلاحات التي مست القطاع خاصة في المجال التشريعي والتنظيمي من خلال إصدار العديد من التشريعات الرامية أساسا الى تنظيم السوق ومن أهمها القانون الخاص بالمنافسة المصادق عليه من طرف البرلمان في الدورة الربيعية الماضية، وينتظر ان يناقش النواب خلال الدورة الخريفية الحالية مشروع قانون لا يقل أهمية يتعلق بحماية المستهلك. وكانت الإصلاحات التي باشرها القطاع متعددة الجوانب حيث شملت الشق المتعلق بالرقابة وضمان النوعية وتم إنشاء 13 مخبرا لمراقبة النوعية إضافة الى توظيف اكثر من 1500 عون مكلف بالمراقبة والعملية تتواصل الى غاية نهاية العام القادم. وكان الأبرز في السنة الماضية والسنة الجارية تلك الإجراءات المتخذة لفائدة حماية القدرة الشرائية للمواطن خاصة بعد الزيادات في أجور 1.5 مليون عامل في الوظيف العمومي وبادرت الدولة بتدعيم الحليب بحوالي 150 بالمائة من سعره في السوق العالمية. أما القمح اللين فقد أصبح يباع في الجزائر ب2000 دينار في الوقت الذي يباع في الأسواق العالمية ب3000 دينار. وشمل دعم الدولة منذ بداية العام الجاري القمح الصلب وأصبح يباع بسعر 2280 دينار للمطاحن في حين أن سعره في السوق العالمية يقدر بضعفه. وبالنظر الى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بالجنوب بسبب ارتفاع تكلفة النقل بادرت الحكومة في إطار قانون المالية التكميلي 2008 الى رفع الدعم الموجه لسعر نقل بعض المنتوجات الإستراتيجية باتجاه ولايات الجنوب ال 10 من 5ر1 دينار الى 3 دنانير للطن في الكيلومتر.