بعض العناوين الصحفية التي تطرقت لقضية " نور الدين آيت حمودة " نجل عميروش حول تشكيكه في مقدس وطني يتعلق بتعداد شهداء الثورة، راحت تصور للرأي العام الوطني والدولي، أن القضية هي بين نجل عميروش وبين الأسرة الثورية وحسب. وهكذا تمت معالجة الموضوع بطريقة خاطئة، وربما بخطأ مقصود، بهدف توجيه أنظار الرأي العام عن جوهر الحقيقة. إن المساس بالمقدسات الوطنية ليس بحال قضية جهة دون أخرى، بل هي قضية أمة ، قضية مجتمع كله، فالمساس بالإسلام ليس قضية الإسلاميين، والمساس بالعربية ليست قضية " البعثيين " ولا " القوميين " والمساس بالراية الوطنية أو بالنشيد الوطني أو بتعداد الشهداء ليس بحال من الأحوال قضية الأسرة الثورية. عندما نشر رسام كاريكاتوري صورة العلم الجزائري يرفرف على العمارات عشية الإحتفال بذكرى ثورة نوفمبر، معلقا عليه بالقول " إنه نشر الغسيل " حركت ضده وزارة المجاهدين دعوى قضائية، وعندما أهين وزير المجاهدين محمد شريف عباس من قبل وزير الدبلوماسية الفرنسية كوشنير ردت عليه الأسرة الثورية، وعندما تم المساس بالنشيد الوطني كانت الأسرة الثورية أول المتحركين، وعندما صدر في باريس قانون تمجيد الإستعمار بتاريخ 23 فبراير 2005 كانت جبهة التحرير والأسرة الثورية أول المتصدين. وهكذا نعالج القضايا بشكل خاطئ، فالمساس بالمقدسات والرموز الوطنية قضية الجميع، فالصحفي حوكم على رسم كاريكاتوري ودخل السجن عام 1993 ، لأنه لا يملك حصانة، كتلك التي يملكها آيت حمودة، وكان ممكنا تجاوز القضية بالنظر لخصوصية الكاريكاتور الذي يقوم كفن صحفي على أسلوب السخرية، لكن الحصانة البرلمانية التي تجعل أحد النواب يمس بالمقدسات ويشكك في تاريخ نبيل بمنطق أعرج وأعوج وخبيث يستحق رد فعل من قبل المجتمع كله، وليس من قبل شريحة اجتماعية دون غيرها، فالحصانة لا تعني عدم المحاكمة، فكم من بلد رفع الحصانة عن نواب من الوزن الثقيل وليس من وزن الريشة من أجل مصلحة الوطن. وفرنسا التي شعرت أن " المارسييز " أهينت من قبل مناصرين مغاربة خلال مباراة في كرة القدم قررت أن تعتبر " الصفير " ، مجرد الصفير، جنحة يعاقب عليها القانون، ها هي المثل الأعلى لذلك النائب الذي " نقل قانون 23 فبراير " داخل البرلمان الجزائري ، ومجد الإستعمار بطريقة أخرى.