من غرائب الأمور التي تحدث اليوم، هو أن العالم بدأ يدخل عهدا جديدا، إنه عهد " محاربة القرصنة الدولية " ، بعدما عشنا لمدة 10 سنوات تقريبا على موضة " محاربة الإرهاب الدولي ". والقرصنة بدأت ك " منوعات " على صدر صفحات الصحف، ونشرات الأخبار في التلفزيونات العالمية، عندما بادر بعض " صغار القراصنة " يختطفون سفنا على سواحل الصومال.وهو ما أثار الدهشة والإستغراب كيف لصومالي فقير وجائع وأرضه محتلة من قبل دولة جارة .. وغيرها من المساوئ يستطيع أن يقرصن سفنا بحمولتها وطاقمها. وكانت السفينة الأوكرانية المحملة بالأسلحة التي تمت قرصنتها على نفس السواحل القطرة التي حركت المجتمع الدولي. وهو ما جعل الدول الكبرى في العالم تقرر " حماية السواحل " من القرصنة، بإيفاد سفن حربية متعددة الجنسيات على شاكلة " القبعات الزرق الأممية " لحماية السلم والأمن. والآن بدأت القرصنة تأخذ تصعيدا دراميا، بعد أن تمت بشكل فجائي وغير منتظر وخطير قرصنة سفينة سعودية ضخمة لنقل النفط وتوجيهها نحو سواحل الصومال، وبعدها بيومين تمت قرصنة سفينة تابعة لهونغ كونغ، والقائمة ستظل مفتوحة، وقد تمتد إلى بحار ومحيطات أخرى. والغريب أن العمليتين الأخيرتين تمتا وبوارج حربية أوروبية موجودة في عرض المياه التي تمت فيها القرصنة. فكيف نجح القراصنة وفشلت البوارج الحربية في عملية رصدهم ؟ ومن أين لهؤلاء كل هذه القوة للسيطرة على عرض المحيط كله ؟ عندما قرأنا كتب التاريخ تعرفنا على القرصنة التي كانت موجودة في حوض المتوسط، لكن يمكن تفهمها بالنظر للإمكانيات التي كانت حينذاك، لكن صراحة لا يمكن الآن فهم هذه الظاهرة والبوارج الحربية مجهزة بكل أنواع التكنولوجيا الحربية وتكنولوجيا الإستطلاع ووسائل الإتصالات المتقدمة. إن عصرا جديدا لاح في الأفق، سوف نعيش لمدة سنوات طوال ، على أجندة جديدة ، سوف تفرض علينا إعلاميا فرضا، إنها القرصنة، وسوف نشاهد كل القنوات والهيئات الدولية والإقليمية تركز عليها ، لنركز عليها نحن أيضا. يوم 20 جانفي سيغادر صاحب نظرية " الإرهاب الدولي " جورج بوش البيت الأبيض، وهي غرفة العمليات التي يقاد منها العالم، ونفس الغرفة سيدخلها الرئيس الجديد باراك أوباما، لنعيش معه " عصر محاربة القرصنة الدولية " ، إن المهمة الجديدة رسمت أمامه.