خفت حدة الاشتباكات في العاصمة اللبنانية بيروت مساء أمس بعد يومين من التصعيد بين أنصار قوى 14 آذار والمعارضة،فيما بدت مؤشرات سيطرة أنصار المعارضة بقيادة حزب الله على القسم الغربي من بيروت، في الوقت الذي عزز فيه الجيش اللبناني انتشاره في العديد من المناطق الحساسة. وقد سقط عدد من القتلى والجرحى في الاشتباكات التي تجددت صباح أمس في بيروت. وأفادت مصادر أمنية لبنانية وأخرى من الصليب الأحمر بمقتل 11 شخصا على الأقل وجرح ثلاثين آخرين في الاشتباكات التي اندلعت يوم الخميس وتجددت أمس بين أنصار المعارضة وأنصار الحكومة المعروفة باسم قوى 14 آذار. وقالت المصادر نفسها إن الجيش اللبناني أعاد فتح طرق رئيسية خارج بيروت كانت عناصر مؤيدة للحكومة قد قطعتها ومنها الطريق الدولية التي تربط شمال لبنان بالحدود مع سوريا، والطريق التي تربط بيروت بجنوب لبنان والتي كان مؤيدون للأكثرية قد قطعوها يوم الخميس، فيما لا يزال أنصار المعارضة يقطعون الطريق المؤدية إلى المطار الدولي. وذكرت مصادر في بيروت أن حدة الاشتباكات هدأت نسبيا مساء أمس، موضحة أن أنباء تحدثت عن سيطرة المعارضة على أجزاء واسعة من الجزء الغربي من العاصمة بيروت. وفي هذا السياق تحدثت مصادر إعلامية عن سيطرة مسلحي المعارضة على أحياء عائشة بكار والظريف الملا وزقاق البلاط وكورنيش المزرعة التي تعتبر معقلا لأنصار المستقبل، حيث شوهدت أمس الجمعة أعلام لحزب الله وحركة أمل مرفوعة على بعض المباني. كما شوهد -حسب هذه المصادر- عشرات المسلحين من المعارضة على مقربة من تمثال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في المكان الذي اغتيل فيه في فيفري 2005 بحي عين المريسة. وكذلك أكدت مصادر في بيروت أن تيار المستقبل التابع للنائب سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط قاما أمس بتسليم مراكز حزبية تابعة لهما في أنحاء متفرقة في العاصمة إلى الجيش اللبناني الذي عزز انتشاره في العديد من المناطق الحساسة بما فيها محيط مقر إقامة النائب جنبلاط في حي كليمانصو. وعن هذه النقطة نقل عن النائب جنبلاط رفضه مغادرة منزله وأنه باق في مكانه، خلافا لما تردد في وقت سابق من أنباء عن توجهه إلى قرية المختارة في جبل لبنان. وقد انتقلت الاشتباكات إلى مواقع أخرى خارج العاصمة بيروت منها منطقة بشامون ذات الأغلبية الموالية لتيار المستقبل والنائب جنبلاط، في الوقت الذي قطع فيه موالون للمعارضة الطريق بين حاصبيا والشوف في منطقة جبل لبنان. كما أكدت مصادر إغلاق مرفأ بيروت نظرا لخطورة الوضع الأمني، وهو ما أكده رئيس غرفة الملاحة بالمرفأ إيلي زخور في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية التي نقلت عن مصدر مقرب من النائب الحريري قوله إن قذيفة صاروخية أطلقت يوم الجمعة على قصر قريطم حيث يقيم النائب، مما أسفر عن أضرار في السور المحيط دون وقوع إصابات. كما تواصلت مساء أمس عملية إغلاق تلفزيون المستقبل وإذاعة الشرق وجريدة المستقبل المملوكة للنائب الحريري حيث تحدثت الأنباء عن وقوع أضرار في مبنى جريدة المستقبل. وقامت القوى الأمنية اللبنانية بإجلاء موظفي المؤسسات الإعلامية التابعة لتيار المستقبل حرصا على سلامتهم، في وقت قال فيه رئيس مجلس إدارة تلفزيون المستقبل نديم الملا في إن ضابطا في الجيش اللبناني نقل إلى إدارة التلفزيون تهديدا من حزب الله بهدم المبنى ما لم يوقف البث. وأضاف الملا أن عناصر من حزب الله دخلت مبنى التلفزيون وقطعت كبلات البث وصادرت بعض الأشرطة المصورة. ومن جهته قال بيان للجيش اللبناني إنه يضع نفسه بتصرف الجميع للخروج من الأزمة الحالية. وقبل ذلك كان المجلس الشيعي الأعلى في لبنان قد أصدر بيانا في ختام اجتماع له دعا فيه الحكومة إلى إلغاء قراراتها الأخيرة الخاصة بشبكة اتصالات حزب الله كمقدمة لحل الأزمة الحالية. وجاء تحذير الجيش بعدما كان قد تدخل لفض اشتباكات جديدة في كورنيش المزرعة في بيروت مستخدما الغاز المسيل للدموع. وقبل تحذير الجيش كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان قد دعا حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة إلى العودة عن قراراتها التي أصدرتها قبل يومين بخصوص شبكة اتصالات حزب الله وكاميرات مطار بيروت. ومن جهته وجه رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان كلمة إلى اللبنانيين قال فيها "كنا نصبر ونتحمل الإساءات الموجهة لحقوقنا في هذا الوطن"، معتبرا قرارات الحكومة فتنة تستهدف المقاومة "ضمن مخطط أمريكي إسرائيلي مكشوف". وأتت كلمة قبلان ردا غير مباشر على تصريحات الشيخ محمد رشيد قباني التي اتهم فيها حزب الله بالعمل على السيطرة على لبنان تحت ستار المقاومة بعيد اندلاع مواجهات بين المعارضة والموالاة على خلفية قضايا مطلبية.