على الرغم من أن مطار هواري بومدين يوحي بوجود حركة عادية، إلا أن تجنيد 20 طبيبا للعمل ليلا ونهارا ودون انقطاع لضمان مراقبة صحية مثلى للمسافرين بهدف الوقوف في وجه وباء انفلونزا الخنازير الذي اجتاح العالم في فترة قياسية، جهد ينبغي التوقف عنده مليا، فهؤلاء الأطباء يقومون بواجبهم في هدوء لتجنب إثارة قلق المسافرين، لكن حياتهم وحياة أعوان شرطة الحدود والجمركيين تبقى عرضة للخطر ما لم تقم السلطات المعنية باقتناء جهاز "كاميرامتريك" الذي يستعمل في بعض المطارات لتشخيص المرض عن بعد. روبورتاج : سهام مسيعد كان مطار هواري بومدين الذي أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السعيد بركات مؤخرا في تصريح له أنه شهد إجراءات خاصة لمكافحة انفلونزا الخنازير الذي اجتاح عددا كبيرا من بلدان العالم وخلف مئات المرضى، الوجهة التي قصدناها، أمس، خاصة وأنه أكثر المناطق تعرضا لوجود هذا المرض بحكم استقباله لمسافرين كانوا متواجدين في بلدان ظهر بها هذا الوباء. وصلنا إلى مطار هواري بومدين في تمام الساعة الواحدة زوالا، وبمجرد اتصالنا بالاستعلامات وفر لنا المسؤولون هناك مرافقا ليساعدنا في التنقل ويسهل مهمتنا، في البداية قصدنا أروقة عبور المسافرين لدى وصولهم، لكننا لم نجد الأطباء الذين كنا نبحث عنهم. وبعد فترة قصدنا مركز المراقبة الصحية للحدود على مستوى المطار، وقد كان عبارة عن مركز صغير يضم قاعتين، وهناك استقبلنا الأطباء والممرضون، الذين أكدوا لنا أن الأمور تسير بشكل عادي ولا شيء يدعو للقلق. 20 طبيبا و6 سيارات إسعاف وغرفة يقظة نائب مسؤول مركز المراقبة الصحية على مستوى مطار هواري الدكتور عجريد الطيب أوضح لنا أن كافة الإجراءات اللازمة لمكافحة المرض قد تم اتخاذها بداية من الأطباء الذين تم توفيرهم على مستوى المطار والذي يصل عددهم إلى 20 طبيبا موزعين على أربعة أفواج يعملون بالتناوب 24 ساعة على 24، وقد أوضح المتحدث أن الفوج الواحد يضم طبيبين، إلى جانب ممرض، وعون تطهير وإداري وسائق، هذا إلى جانب توفير 6 سيارات إسعاف منها التابعة للقطاع الصحي وأخرى للحماية المدنية، كما تم توفير غرفة يقظة بالمطار من أجل تلقي الحالات التي يثبت إصابتها بهذا الوباء. وأضاف المتحدث أن وزارة الصحة قد بادرت بهذه الإجراءات منذ الفاتح من ماي الجاري أي مباشرة بعد الاجتماع الذي جمع مسؤولي وزارة الصحة مع مسؤولي المؤسسة العمومية للصحة الجوارية. من جهتها أكدت الدكتورة بن صديق التي تعمل بالمركز المتواجد على مستوى مطار هواري بومدين أن الأطباء ينزلون لاستقبال المسافرين القادمين من الخارج في رواقين أساسيين أحدهما خصص لاستقبال طائرات شركة الخطوط الجوية الجزائرية والآخر لبقية شركات الطيران الأجنبية، مضيفة أن الأطباء ولدى استقبالهم للمسافرين يقومون عن طريق الملاحظة المجردة بمراقبة المسافرين القادمين من بقية البلدان، مضيفة أنه وفي حال ملاحظة أية آثار للمرض كارتفاع درجة الحرارة إلى 38 أو احمرار العينين أو السعال الشديد أو سيلان الأنف، فإنه يتم نقل الشخص المصاب إلى مستشفى القطار الخاص بمكافحة الأمراض الوبائية. لم تسجل أي حالة لحد الآن ويجمع الأطباء الذين تحدثنا إليهم على أنه لم يتم إلى حد الآن تسجيل أية حالة لمرض انفلونزا الخنازير، حيث تم الاشتباه في حالة واحدة اتضح بعد المعاينة أنها مجرد زكام عادي ليس إلا. الدكتور الهادي بدوره طمأننا بالقول إن نسبة دخول هذا الوباء عبر مطار هواري هي 0 بالمائة بالنظر إلى تعزيزات المراقبة التي تم توفيرها عبر هذا المطار من جهة، وبسبب خضوع المسافرين إلى عدة إجراءات على مستوى مطارات بقية البلدان من جهة أخرى، مضيفا أن كل الوسائل متوفرة لمكافحة هذا المرض. من جهتها حدثتنا الدكتورة بن صديق أنها قد شكت في إحدى الحالات قبل وصولنا، حيث لاحظت وجود أعراض المرض على أحد المسافرين الذي قدم من اليونان إلى مصر ثم الجزائر، مضيفة أنها قد عرضت هذه الحالة على مركز المراقبة ليتبين بعد الفحوصات المعمقة أنها مجرد حالة زكام، وهنا سألناها عما كان يجب اتخاذه من إجراءات في حال كانت هذه الحالة هي حالة انفلونزا الخنازير لا قدر الله، لتوضح لنا أنه يتم عزلها ونقلها إلى مستشفى القطار، بينما يتم توزيع أقنعة على بقية المسافرين الذين كانوا رفقته على متن الطائرة والقيام بفحصهم معمقا، كما يتم تطهير الطائرة والرواق الذي وقف فيه المصاب ليتم القضاء على المرض نهائيا. ولدى إجابتنا على سؤال حول سبب عدم توزيع الأقنعة على أعوان الأمن والأطباء لتجنب إصابتهم بالعدوى، وضمان سلامتهم إذا ما وجدت هناك حالات لمرض انفلونزا الخنازير، أجابنا بعض الأطباء بالقول إن منظر رجال الأمن أو حتى الأطباء والممرضين وهم يرتدون هذه الأقنعة، يبعث على القلق في أوساط المسافرين ويوحي بأن هناك فعلا إصابات. "كاميراميتريك"..ضرورة ملحة خلال زيارتنا لهذا المركز وجدنا الأطباء على أهبة النزول لاستقبال المسافرين، فما كان منا إلا أن قمنا بمرافقتهم، وقد كانت المهمة هذه المرة استقبال المسافرين القادمين من مدريد إحدى البلدان التي ظهرت بها حالات لهذا الوباء، وقد رافقتنا خلال هذه المهمة الدكتورة بن صديق، والدكتورة شبينة والسيدة هلال التقنية في مجال الصحة، وكان توزيع مطويات توعوية وتحسيسية على المسافرين أول ما قامت به الطبيبات لدى وصولهن إلى منطقة الاستقبال، غير أنهن في مقابل ذلك قمن بالبحث عن حالات هذا المرض بين المسافرين دون إشعارهم بذلك، وهذا من خلال التحدث إليهم ومحاولة شرح سبب توزيع هذه المطويات. وشاءت الأقدار أن نلتقي طبيبة جزائرية في طوابير المسافرين القادمين من مدريد، حيث أوضحت لنا أنه ينبغي اقتناء جهاز "كاميراميتريك" الذي يسهل المهمة على الأطباء في استشعار المرض عن بعد فيكون الخطر أقل، لكنها أضافت في المقابل أن ثمن هذا الجهاز باهض، متمنية أن تقوم السلطات المعنية بتوفيره في أقرب وقت لتجنب تعريض الأطباء للخطر لدى اقترابهم من المسافرين لمعاينتهم، مضيفة أنها لاحظت استعمال هذا الجهاز في عديد من المطارات. من خلال حضورنا لعملية استقبال الأطباء للمسافرين في المطار تبين لنا أنهم يتعاملون مع الأطباء بطرق مختلفة، فبعضهم يبدي اهتماما واضحا من خلال طرح مزيد من الأسئلة، غير أن السؤال الذي كثيرا ما تكرر هو هل هناك حالات لهذا المرض في الجزائر؟، غير أن بعض المسافرين يتهربون من أخذ المطويات، ومن الحديث إلى الأطباء، وهو ما أكده لنا الأطباء عندما أوضحوا أنهم يجدون صعوبة في إقناع المسافرين بقياس درجة حرارتهم. أما الأطباء فقد أوضحوا لنا جميعا أنهم يسعون إلى مراقبة المسافرين والاحتكاك بهم لتجنب إحراجهم وعدم إثارة قلقهم، وخاصة الأطفال الذين يخافون من القميص الأبيض للأطباء لأنه يرتبط عندهم بالحقنة.