الأمر قديم جديد.. كان وصفا واستشرافا ذكره الدكتور عبد الله حمادي في إحدى كتبه حين وصف واقع الكتابة في الجزائر ب"الرحبة" التي يتوافد على سوقها كل من دب ولم يهب أو قل عكسها فالأمر سيان•• رحبة الكتاب في الجزائر الذين بلغوا من الإبداع عتيا وناداهم الصيت من أقصى الأقاصي ولكنك إذا حذفت إمضاءهم من على كعب الورقة تقرأ الهذر ويصيبك الذعر ويتجعد على جبينك الوضاء وجع يشبه عسر هضم•• ليسوا جميعا، لكن الأمر جامع لمعظمهم تحت هذه المظلة الظلة التي تقلب كفك عاليها على سافلها، ويأتيك ألف سؤال حائر يراود الإجابة عن زيفها: أنى لهم هذا الوهج ؟ كيف استعبدوا ذائقة الناس وألانوا عريكة النقد فكبحوا جماح الروعة عن كل إدهاش؟؟؟هناك ما يشبه التسلل بالمفهوم الرياضي للكلمة فقد يكتب جهبذ منهم على طرائق السورياليين أوالدادائيين أوالبرناسيين أو•• ويعلق على هذه الشماعة كل هفواته الفنية واللغوية والفكرية فإذا خاطبه ذائق متذوق نهره قائلا هذا نسيج عالمي الماركة•• ولكنه في حقيقة الأمر لم يحتسب له في الذائقة أي هدف فيشدّ من أزره صديق إعلامي، وآخر ناقد وثالث رجل أعمال وبذا يختلط بالحابل النابل، وتعمر "الرحبة" من جديد بكل صنوف المزايدات والمضاربات•• فإذا كان هذا حال كتاب جيل سابق فكيف باللاحق•• نعرّج على مقولة السي الطاهر وطار - شفاه الله - التي تنصّ على أن أدب الجيل الجديد تفجر في لحظة استعجال•• استعجال للظهور، واستعجال لتملك ناصية الأدوات الفنية للكتابة، واستعجال للاستعجال نفسه.. فلو تتم إعادة النظر في الكثير منه فسيكون قمعا كبيرا للكاوكاو و"تشغيل الشباب" هي شهادة أخرى تحرق أعصاب الأدب الجزائري وتلفّه بخرق الهلهلة•• كثيرا ما تجد نصوصا جزائرية فتية في بعض النوادي أو الجرائد أوالمواقع الإنترناتية تصيبك بشلل نصفي ولو لثوان•• وتتمنّى لو أنّك لم تقرأ منها حرفا لوّث حاسة الفن فيك•• هناك روايات ومجموعات قصصية ناهيك عن الشّعرية تلمح فيها ضياع الكاتب، ويمكنك بسهولة أن تشم رائحة التقليد والتصنع وفتور الدهشة في كل ثنايا لغته وأفكاره والمعاني التي تسوقها هذه على تلك وتجد الكثير منهم "مخلوع" بانضمامه لأحد النوادي أو الاتحادات أو•• ويرى أنه قد وجد مكانا يتفيأ ظلال المجد الأدبي فيه وهو واضع قلما على أذن•• لكن الحقيقة الأخرى التي لا يجدر تجاهلها أيضا يا عمي الطاهر هي أن الكثير من هؤلاء الشباب قد فاقوا أولئك الكبار•• من حيث الابتكار الأدبي والخبث الفني إن صح القول هناك من تقرأ لهم فيغزوك النص أياما وليال لما تشعر به من قوة التمكن واقتدار السيطرة على فرس الإبداع، فتجدهم أجدر بالكثير من الألقاب من غيرهم ممّن يكبرونهم سنا أدبيا•• فيكف لنا أن نحقق توازنا في معادلة تصارع الأجيال الأدبية التي كثيرا ما تطفو على السطح ولو بعد تناس•• هل هناك فعلا مبرر لهذا التصارع بين وصي أستطيع أن أقول لا شرعية لوصايته وبين محجور عليه مُقصى عن سبق إصرار على التفرد؟؟ الفن واجهة كريستال تظهر كل شيء•