يقول الشاعر الصديق عمر أزراج، في حواره المنشور في هذا العدد الجديد من ملحق ''الفجر الثقافي''، إن ''النظام الأساسي للبنية الثقافية الجزائرية، لم يحصل فيه تطوير• ولاتزال الثقافة الجزائرية تقليدية، رغم القشرة الخارجية المتمثلة في استهلاك أساليب العيش المستوردة لدى نخبة تعتبر نفسها عصرية وحديثة•••''• كلام الأستاذ أزراج، المثقل بخيبة أمل رجل عائد، إلى ''كولورادو'' الوطن، بعد ربع قرن من الاغتراب•• يحمل الكثير من الصدق، وقد وقفتُ على هذه الحقيقة قبل أيام قليلة فقط، بعد لهفة اكتشاف قادتني ذات أمسية أربِعائية، إلى مسرح محي الدين بشطرزي، للاستمتاع بسهرة أوبيرالية، استوردتها إدارة الأوركسترا السيمفونية الوطنية بالجزائر، لفائدة عشاق الكلاسيكيات الموسيقية في البلد•• ! ''أوبرا عايدة، لأول مرة في الجزائر''•• عنوان إعلامي، قد يغري أي محب للموسيقى الكلاسيكية بالاستعداد للموعد، وقد يغري أي محب للمة الثقافية، للتوجه إلى مبنى محي الدين بشطرزي• كما من المفترض أن يغري ذلك العنوان، أصحاب البريستيج الثقافي الذين يزايدون بقولهم إنهم مثقفون، أو أصحاب كار، خصوصا المعربين منهم والذين لا يملون من الخوض في مواضيع الفراغ القاتل وغياب الفعل الثقافي في البلد •• لكن الذين حضروا سهرة الأربعاء، يجزمون أن لا أحد من أولئك المزايدين بالثقافة حضر العرض النادر محليا، في الوقت الذي لاك اللسان الفرنسي قبل، أثناء وبعد العرض، ما لاكه من أحاديث في الثقافة والفكر••! تحس نفسك حينها، وأنت المعرب حد التأتأة الفرونكفونية، خارج نطاق المعمعة، وتُدفع دفعا للتساؤل، هل حضور أمسية أوبيرالية راقية في الجزائر، فعل ''مفرنَكٌ''، لا يعني ''المعربزين'' في شيء ؟؟! سؤالٌ لم يخرجني من فراغه، سوى صوت طقطقة علكة في فم امرأة جالسة خلفي، كانت تتثاءب باستفزاز•• جعلتني أخرج عن خشوع الاستماع إلى المرأة الصادحة فوق الركح والمايسترو الواقف أمامها بعصاه على وشك التحليق، لأشيط بنظري نحو من حولي و''أستشغل'' بالجالسين من الحضور•• رأيت فيما رأيت، في الكرسي الثالث عن يميني•• كهلا يجلس بكامل أناقته ووجاهته•• كان الرجل شاردا يحدقّ في الركح، خاشع الابتسامة، بكاريزما الرجل الذواقة للفن، غير آبه بمن حوله، وكنت بدوري آبها به•• فجأة، استيقظ من غفوته، فرك يديه، أقحم سبابة يده اليمنى تحت شفته العليا، أخرج منها ح شيئا* وألصقه تحت المقعد•• ! * شيئا : ''رفعة شمّة''