قال وزير المجاهدين الأسبق المجاهد إبراهيم شيبوط إن زوجة المرحوم الشهيد البطل زيغود يوسف تسكن الآن في شقة من 3 غرف في مدينة قسنطينة! وقال الوزير المجاهد هذه الملاحظة بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال55 لانتفاضة 20 أوت 1955! ويقال هذا الكلام من طرف وزير سابق للمجهدين ورفيق الشهيد زيغود بعد 55سنة! وإذا كان ما قاله الوزير شيبوط يدمي القلب فعلا، كون الشهيد زيغود قام بثورة ثانية في الشمال القسنطيني بعد ثورة رائد الثورة بن بوالعيد في الأوراس! فإن ما قد يكون حدث لزوجة المرحوم الشهيد زيغود في جزائر الاستقلال لا يستبعد حدوثه! ذلك أن عائلات الشهداء والمجاهدين الخلص قد تعرضت لغبن كبير•• رغم الادعاء بأنهم صادروا الجزائر لصالحهم! لست أدري كيف تقبل رفقاء زيغود خبر بقاء زوجته في شقة من ثلاث غرف وفي وضع قد يكون مدعاة لأن يشفق عليها النصارى! وليس المجاهدين الرفقاء لزوجها! منذ 18 سنة تقريبا كتبت في هذا المقال الأسبوعي، ''صيحة السردوك''، عن انتقام فرنسا عبر أبنائها الذين تركتهم وراءها في جزائر الاستقلال من الشهيد الرمز بن بوالعيد حين أطلقوا اسمه على شارع صغير له صفة الجسر وليس الشارع في عاصمة البلاد! في حين أطلق اسم شيفطارة وبعض الخونة على شوارع مهمة في العاصمة! وقلت إن هذا حدث لأن فرنسا التي تسبب بن بوالعيد في رحيلها عن الجزائر لا يمكن أن تسمح بأن يحمل شارع كبير في العاصمة اسمه! وقرأ المقال الشهيد الثاني عبد الوهاب بن بوالعيد•• شهيد محنة الجزائر الأخيرة فهتف لي على الواحدة ليلا ليقول لي ''يا سعد ملاحظتك في محلها•• لكن يجب أن نعرف أن المفاضلة بين الشهداء لا تجوز•• فليس هناك من الشهداء في سبيل استقلال الجزائر من هو أفضل من الآخر في الشهادة''! وبعد ذلك بأشهر سقط هو الآخر شهيدا في فار عمار بالبويرة وهو في طريقه إلى الأوراس لإحياء ذكرى استشهاد والده•• واستشهد معه أحد رفقاء الجهاد لوالده الشهيد مصطفى! وهو المجاهد الشيخ بن كاوحة! ومنذ سنوات زرت المجاهد الرمز أحمد محساس في بيته في شقة قرب الإذاعة الوطنية وهالني ما رأيت•• فهذا المجاهد كان يغطي أريكة صالونه بقطعة قماش حتى لا تلحق نوابضها الأضرار بالجالسين عليها! وبالمقابل دخلت بيوت رجالات سلطة وكانت تلك القصور عبارة عن متاحف تنافس اللوفر! وسجلت نفس الملاحظة عندما دخلت بيت المرحوم شريف بلقاسم•• وهي عبارة عن شقة صغيرة متواضعة السعة والأثاث وتتواجد في عمارة شعبية قرب الرئاسة! ومنذ 25 سنة تقريبا هتفت لي زوجة المرحوم بومدين السيدة أنيسة بومدين في البيت لتشكو لي حالها والحصار الذي تتعرض له•• وكانمن بين ما قالته لي في الهاتف إنها تقوم بتسخين الماء في ''الباسينة'' الحديدية على النار كي تستحم! لأن السكن الذي تقطن به لا تسكنه حتى البهائم! وكانت السيدة أنيسة بومدين قد اشتكت لي أمرها لأنها كانت تتابع ما أكتبه عن بومدين•• واعتقدت أنني من رجاله المؤثرين في دواليب السلطة! وعندما رأيت زوجتي حيرتي في أمري مما قالته لي السيدة أنيسة بومدين في الهاتف•• قالت: وماذا يربطك بهذه السيدة حتى تحتار في وضعها؟! وذات يوم زرت المرحوم العقيد علي منجلي في مصيفه في الشريعة•• وهو شاليه تابع لمنظمة المجاهدين! وكانت العمليات الإرهابية في جبال الشريعة على أشدها•• وسألت العقيد منجلي عن قراءته السياسية لما يحدث في البلاد•• فقال لي عبارة لخصت كل شيء•• قال لي: إن الشعب فقد في السلطة سلوك وأخلاق القدوة••! ثم أردف قائلا: أنا الآن أعيش وسط هذه الغابة وبدون حراسة•• فلماذا لا يقتلني الإرهاب؟! ثم تنهد وقال: لم نجاهد من أجل أن نرى الجزائر تغرق في مثل هذه الدماء والدموع والدمار! وقال لي منجلي رحمه الله أنا لم أركب سيارة جديدة في حياتي•• رغم أن لي نفسا بشرية وتتمنى ركوب سيارة جديدة!، وكانت سيارة من نوع بيجو 504 التي وضعتها تحت تصرفه وزارة الدفاع عمرها أكثر من 15 سنة، وعندما يغادر بها السائق مدينة البليدة يسمع صوت عادم محركها في أعالي الشريعة! وكتبت هذه الكلام في حينه على لسان منجلي في أحد الأعمدة وحدث أن قرأه الجنرال زروال•• وكان آنذاك وزير الدفاع، فأرسل سيارة جديدة للعقيد منجلي•• ولكنه رفض استلامها•• وعندما ذهبت لزيارة منجلي مرة أخرى رفض استقبالي لأنني نقلت شكواه إلى وزارة الدفاع•• أو هكذا كان يعتقد! هذا هو حال المجاهدين الخلص وزوجات الشهداء! ولا يمكن أن نفهم ما يحدث للمجاهدين وأرامل الشهداء وأبنائهم إلا في سياق الانتقام المستمر!