وطالما أن الفقر من الصعب تجنبه في إطار النظام الرأسمالي المحلي والعالمي، وحتى في بلدان المركز الرأسمالي العالي التطور (دول الرفاه الاجتماعي)، نجد فقراً وتهميشاً في أسفل السلّم الاجتماعي، فضلاً عن نهب العولمة الرأسمالية المتوحشة لشعوب وبلدان العالم الثالث، فإن الشبكة الاجتماعية الوحيدة التي تتجنب التباين الاجتماعي، لا تخفيف وقع آثاره فقط؛ هي مفاهيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فالاقتصاد العالمي هو بين أفراد النخبة، وبينهم نخبة ضئيلة تابعة من العالم الثالث والجنوب، والذي عممت صورته كمهاجر باحث عن لجوء في خضم البحار، أو ''إرهابي'' أو أصولي، بينما هو ضحية سوء التنمية والنهب الوحشي، ضحية غياب المساواة في المواطنة داخل الشعب الواحد، غياب العدالة والديمقراطية بين الشعوب والدول، حين تدعي العولمة الرأسمالية والسوق الحرّة إزالة الحواجز، لكنها أزالت الحواجز أمام رأس المال لا الآفاق المدعى موضوعاً، إنه ''أوتوستراد أحادي المرور، لا أوتوستراد على جانبيّ خط المرور''• كما أن المكاسب التي حققتها ''دول الرفاهية'' و''دول الرعاية الاجتماعية'' بعد الحرب العالمية الثانية تتراجع خطوةً خطوة، وهذا هو طموح المحافظون الليبراليون الجدد، بأن يعودوا بالعالم إلى علاقات النصف الأول من القرن العشرين بين المركز والأطراف، بين الشمال والجنوب، وهو ما رُفض في النصف الثاني من القرن ومطلع الواحد والعشرين على أكتاف الملايين في حركة العولمة البديلة الشعبية، من كل قوى اليسار والتقدم والليبرالية في سياتل في أمريكا وبورتو اليغرو في البرازيل ودربان في جنوب إفريقيا ونيودلهي في الهند وجنوه في إيطاليا، وكل هذا في مواجهة قمم العولمة على يد الدول الرأسمالية الصناعية السبعة الكبرى (دول المليار الذهبي)، وطالما أن الغالبية في العالم هم مجرد مشاهدين مقهورين (خمسة مليارات من البشرية)، جراء ذلك يحدث ما نعيشه الآن، ثورات، مظاهرات مليونية، وحكومات لا تشعر بالأمان، نتيجة اجتراح حروب وإرهاب، الأزمة الطاحنة الجارية الآن 2008 - 2009 والمرشحة أن تطول في نظام العولمة الرأسمالية المتوحشة بعيداً عن الرقابة والشفافية وفقاً لقاعدة ''السوق تضبط نفسها''، ذهبت برياح المحافظين الجدد في واشنطن الصيحات المبكرة لرئيسة وزراء ألمانيا ''ميركل''، الداعية ''لنظام رقابة وشفافية جديد على حركة النظام المالي الرأسمالي العالمي''، إلى أن بدأت انهيارات شركات الاقراض العقاري ''فاني ماي'' و''فريدريك ماك'' العملاقة، والبنوك العظمى في الولاياتالمتحدة بدءاً ببنك ''ليمان براذرز'' والتي لا زالت تتوالى، وانتقال ذات الظواهر في بلدان المركز والأطراف•