دروس الأمس ومحددات رؤى يسارية عربية وفلسطينية تمر البشرية بمرحلة انتقال جديدة وربما طويلة الأمد بفعل التناقض الجديد بين ''المليار الذهبي'' ومليارات الأطراف، والذي تفاقم بعد تفكك وانهيار التجربة الاشتراكية السوفييتية، وبعد الأزمة الطاحنة في العولمة الرأسمالية المتوحشة وانهيارات النظام المالي الرأسمالي العالمي، وتدخل دول بلدان المركز الرأسمالي، وفي الاقتصادات الصاعدة، وفي الدول الرأسمالية الناشئة في العالم الثالث ''بالتأميم'' على حد التعبير الأوروبي، ''الاستحواذ'' و''الشراء'' بتعبير الإدارة الأمريكية والسياسة المحافظة النيوليبرالية (بوش الابن) لإنقاذ الرأسمالية من ''أزمتها الراهنة''، وحتى الآن تم صرف أكثر من 6 تريليون دولار (ستة آلاف مليار دولار) في شهر واحد/ أكتوبر 2008؛ قدمت الإدارة الرأسمالية الأمريكية منها 1800 مليار، أي ما يوازي تريليون وثمانمئة مليار دولار، وتحملت أوروبا وحدها 2600 مليار يورو (3380 مليار دولار)، واليابان، اقتصادات الدول الصاعدة (روسيا، الصين، الهند، البرازيل، الأرجنتين، المكسيك، جنوب إفريقيا، النمور الآسيوية •••)، والدول الناشئة في العالم الثالث الثقل والعبء المالي الأكبر ''لإعادة تأسيس وتقنين النظام الرأسمالي العالمي'' على أكتاف مليارات البشر من الطبقة الوسطى والطبقات والشعوب الفقيرة دافعي الضرائب ليزداد الفقراء فقراً، وحيتان الرأسمالية ثراءً ومالاً، ''فالمظلات الذهبية من حكومات الدول الرأسمالية للشركات ورؤساء الشركات المنهارة''، باختصار إنها ''الاشتراكية للأغنياء والرأسمالية المتوحشة للبقية''، كتبت صحيفة ''الإندبندنت'' البريطانية 26/9/,2008 مضيفةً ''إنهم كانوا يقولون إن توفير تغطية صحية لتسعة ملايين طفل تكلف الكثير، وربما ستة مليارات دولار سنوياً، في المقابل لا يوفرون شيئاً من أجل إنقاذ هؤلاء القذرين في وول ستريت''• والغضب لم يقتصر على الأمريكيين، حيث أعلن وزير المالية الألماني بيرستاينبروك ''يمكن أن نتحدث عن حالة انفصام حين يحفز نظام الترقيم وتشجيع المصارف السعي وراء الفوائد، من دون أن يأخذ في الاعتبار المخاطر التي تنجم عن ذلك''، فيما دعا الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى ''تأطير أنظمة مكافأة المسؤولين والمتعاملين مع البورصة، لقد حدثت تجاوزات كثيرة وفضائح عديدة''• وحتى مجلة ''فوربس'' التي تعنى بالأغنياء فكتبت إن ''الأمر إذا بلغ حده انقلب إلى ضده'' (26/9/2008)• وقال وزير الخارجية ونائب المستشار (رئيس الوزراء) الألماني فرانك - فالتر شتاينماير فور انتخابه مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي لمنصب المستشارية (18/10/2008) في العام 2009 ''إن الأزمة المالية أوجدت مناخاً مؤاتياً لحزبه'' ذلك أن ''حكم إيديولوجية الأسواق الراديكالية التي بدأت مع رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تاتشر والرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان انتهى بضربة قوية• العالم يحبس أنفاسه ولكنه يطلق إشارات الارتياح• الزمن الجديد الذي يرتسم اليوم يجب أن يكون زمننا، زمن الديمقراطية الاشتراكية''• سقطت الأسواق الراديكالية، وأضاف: ''رأيت المستشارية الرأسمالية من الداخل• أدرك ما ينتظرني السنة المقبلة بعد الانتخابات''•