صدر، مؤخرا، عن دار الفيروز للإنتاج الثقافي المجموعة القصصية ''أزرق جارح'' للقاصة والإعلامية فائزة مصطفى، وتقع هذه المجموعة القصصية التي تضم باكورة أعمال فائزة مصطفى في 130 صفحة، وارتأت فائزة أن تهدي نصوصها إلى موريسكي الأندلس وجزائريي كاليدونيا الجديدة، معتمدة في نسج نصوصها على جمالية اللغة وشعرية اللفظة لتأخذ القارئ في رحلة مجانية إلى عالم الأحلام وحكايا الجدة، لترصد للقارئ ذكريات طفولتها الأولى وحنينها إلى الزمن الأخضر وهو ما نلمسه في قصص المجموعة، على غرار قصة ''عطر الكاليتوس''، الذي قالت فيه:''كانوا يبتعدون عني مودعين، وأنا أرقبهم بعيون دامعة من خلف زجاج السيارة، حتى بدا المطر غزيراً وبات فراقهم عزيزاً، لم آخذ منهم إلاَّ رائحة التراب الممزوج بذبال أوراق الكاليتوس التي تتعلق بأنفاسي، توقظ في رائحة الذكرى··''، كما عرجت القاصة بالفترة الدامية التي عاشتها الجزائر من خلال نص ''خبر عاجل''، الذي يمكن أن يكتشف فيه القارئ معاني الاغتراب والمنفى والوطن عبر عناوين شيقة كقصة ''أنا·· حقيبة سفر''، ''مروا على جسدي''، هذه الأخيرة التي حازت على جائزة البحر المتوسط للأدب بفرنسا· واستلهمت فائزة مصطفى قصة ''أزرق جارح''، التي اختارتها كعنوان لباكورة أعمالها القصصية، من ظاهرة الحرقة أو الهجرة غير الشرعية التي تفشت في أوساط الشباب الجزائري الذي يبحث عن أحلامه فيما وراء البحر حتى ولو كلفه ذلك حياته، فمن خلال احد الناجين من البحر تصور القاصة سيميائية اللون الأزرق، وهو يتوزع بين الزرقة وجدران المستشفى ولون بذلة الشرطي، قائلة:''كانوا ستة مرتعدين من البرد والخوف، عيونهم كحجر الزرد تراهن على الرجاء الأخير في أن يحلق الزورق الصغير بعيدا عن تلك الغيمة المغروسة كالشجرة فوق صفحة البحر، الذي عراه الموج الرمادي من أزرقه، أحسوا بحيواتهم تتأهب كأوراق الخريف للسقوط، فهلموا بدفعة رجل واحد يحرقون جوازات سفرهم وكل ما يعبر عنهم··· مزقوا بأصابعهم المبللة بالدمع والبحر ما تبقى منهم، ثم نثروه قربانا للبحر المتوسط أمام دهشة الحيتان''·