تعرفت على المرحوم بشير بومعزة في ندوة الإطارات القديمة لجبهة التحرير التي سعى إلى تنظيمها عبد الحميد مهري عندما كان أمينا عاما للجبهة بعد أحداث أكتوبر .1988 كانت كلمة بومعزة في هذه الندوة مميزة عندما قال: ''إنني اختلفت مع بومدين سنة 1967 في حب الجزائر''! وكانت هذه العبارة كافية لأن نكتشف الرجل من جديد••! طوال هذه الندوة لم يكن الحديث بين الصحافيين ورجال السياسة سوى عن مقولة بومعزة هذه•• وعن مقولة بوتفليقة ''سأظل جبهويا سواء كنت مهيكلا أو مهمشا''! والتي أطلقها أيضا في تدخله في هذ الندوة! وبعدها بأيام قابلت المرحوم العقيد علي منجلي في مستشفى عين النعجة العسكري وقال لي: إن بومعزة رجل مخلص من خيرة المناضلين من أجل القضية الوطنية، وقد خسرته الجزائر طوال هذه المدة التي غاب فيها عن المسرح السياسي! وتمنى أن تكون عودته بمثابة عودة الوعي للجبهة! كانت عودة بومعزة إلى الجبهة واحدة من خصال عبد الحميد مهري أثناء قيادته للأفالان! وعندما تولى بومعزة قيادة مجلس الأمة أحس الجميع بأن شيئا ما تحرك في هذه المؤسسة! وقام رحمه الله بإعادة الهيبة المطلوبة إلى قصر زيغود يوسف شكلا ومحتوى! إلى حد أن العديد من الناس اندهشوا لطريقة تسيير بومعزة لمؤسسة مجلس الأمة! كان رحمه الله قليل الكلام في الجبهة لكنه كان عندما يتكلم يكون كلامه خلاصة مستخلصة لما يجب أن يقال! من حين لآخر يقوم بومعزة المناضل، أو بومعزة المسؤول في مجلس الأمة بالتواصل مع الصحافيين في لقاءات غير رسمية يسمع من الصحافيين أكثر مما يتحدث إليهم! وكنت وقتها أحد الذين شرّفهم بلقاءاته الدورية! ورغم أنني قابلته العديد من المرات في لقاءات خاصة بمكتبه في مجلس الأمة، أو في جبهة التحرير، أو حتى في بيته•• إلا أنني كل مرة كنت أكتشف فيه الرجل الجديد الذي لا أعرفه•• فهو الوطني الخالص والبربري المعتق والعروبي المقتنع والإنساني الحالم بعالم بلا ظلم وبلا حروب وبلا عداوات، وفي المرتين التي انسحب فيها المناضل بومعزة عن أضواء السلطة في 1967 وفي 2002 كان دائما يركن إلى صمت الحكماء•• هكذا هو الراحل بومعزة الذي نصحني المرحوم علي منجلي بأن أتتلمذ عليه في موضوع الوطنية التي تحتاجها الجزائر في بناء دولة كما حلم بها الشهداء! رحمة الله عليك يا البشير•