المحطة الأولى التي استرعت انتباه الجزائريين كانت أسابيع قبل لقاء 14 نوفمبر الذي جرى ب''ستاد القاهرة''، حيث شرعت في توجيه الرأي العام لديها لاستعمال كافة الأساليب المشروعة وغير المشروعة للتأثير على المنتخب الجزائري ومناصريه، وكان أهم وأخطر ما مسته الفضائيات المصرية تلك، شهداء ثورة نوفمبر المجيدة لعلمهم أن هذه الفئة من مقدسات الشعب الجزائري· أما المرحلة الثانية فهي الأيام الأربع الفاصلة عن اللقاء الذي جرى بالخرطوم، وفيه تعجب متابعو هذه القنوات بالدعوة إلى التهدئة، وذهب ''حمال الحطب'' عمرو أديب إلى حد القول إنه مستعد للتنقل إلى الجزائر وتقبيل الأحذية لأجل تهدئة الأوضاع· وهي المرحلة التي انتهت مدة صلاحيتها بعد أن أكدت صافرة الحكم السيشيلي الذي أدار اللقاء الفاصل أن تذكرة الذهاب إلى جنوب إفريقيا ستكون من نصيب محاربي الصحراء، أين عادت الفضائيات إلى أدراج مكاتبها لتخرج مرة أخرى طبولا أكثر ''نجاسة'' تدعو حتى لقتل الجزائريين· المرحلة الأولى من تناول الفضائيات المصرية لمباراة مصر الجزائر كان بطلها شخص غير أديب تماما العامل بقناة ''اليوم'' حيث تحدث عن جرّ المتفرجين إلى خارج المستطيل الأخضر، وراح يقول كلاما أكبر من مباراة، لأنه تعلق بشعب بأكمله، أين راح يعدد فضائل مصر الوهمية على الجزائر، كونها علمت اللغة العربية للشعب الجزائري الذي لا يتقن إلا الفرنسية، بل وراح يدعو بالنكد على الجزائريين على المباشر دون أن يجد رادعا لما يقول رغم اعتدائه الصارخ على كافة التقاليد والأعراف، ووجد في المغدور العامل في ''قناة دريم'' خير حليف له، لشن الهجوم تلو الهجوم على الشعب الجزائري، ناسين بل متناسين أن القضية تخص 11 لاعبا لا أكثر، ولن نعيد الكلام الخطير الذي قاله المغدور حتى لا نلطخ آذان القراء بهذا الهراء الذي صار الجميع يتقزز منه· وصول المنتخب الجزائري إلى القاهرة وحادثة اعتداء بعض من الأنصار المصريين على الحافلة التي كانت تقل لاعبي ''الخضر''، وتقدم الجزائر بشكوى للفيفا، ثم تمكّن منتخب مصر من تأجيل فرحة الجزائر إلى غاية إجراء لقاء فاصل بالسودان، غيّر من لهجة الصحافة المصرية بصورة استغرب لها مشاهدو الفضائيات المصرية وكذا الصحف التي اختصت في شتم وسب الجزائر، حيث كتبت الأهرام في هذا الصدد إنه ''يجب وضع المباراة الرياضية في إطارها الصحيح وعدم الزج بها في مستنقعات الهيستيريا والفتنة''· وأضافت صحيفة أخرى مصرية ''علينا جميعا أن نعتصم بالود التاريخي الجميل الذي يظلل دوما علاقات الشعبين الشقيقين فهي الأبقى لمستقبل العرب''· هذه الجمل لم يكتب لها العيش إلا لحظات، حيث دفنت بمجرد إقصاء الفراعنة من السباق إلى المونديال، ليتحول مرة أخرى الشعب الشقيق إلى ''شعب إرهابي'' يطالب المصريين بقطع العلاقات معه، في وقت فتحت فضائيات مصرية مصراعيها على كل متدخل يحمل في جعبته كلاما قبيحا ليوجهه نحو الجزائريين· وكان المواطن البسيط جدا علاء مبارك قائد جوقة على قناة ''دريم'' ليؤدي أغان هابطة، تحدث عن همجية الجزائريين مقارنة بالفنانات اللائي قرر هو وولي العهد المقبل اصطحابهن لمصر، عوض الشعب الغلبان الذي حرم حتى من مناصرة فريقه· اتهم الإعلام المصري بتأجيج مشاعر الجماهير بإظهار المناصرين بالسكاكين، عميمور: كل دولة حرة في اتخاذ القرار وسحب القاهرة لسفيرها بالجزائر تصعيد غير مبرر أكد أمس رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الأمة، محي الدين عميمور، أن الجزائر تضع في حسبانها كل الاحتمالات من أفضلها إلى أسوئها وهي قطع العلاقات، وأن كل دولة لها كامل الحرية في اتخاذ القرار الذي تراه مناسبا، واصفا إقدام القاهرة على سحب سفيرها بالجزائر بالتصعيد غير المبرر· وعبر محي الدين عميمور، في تصريح ل''اليوم السابع'' المصرية، بشدة عن رفض البرلمان وجميع مؤسسات الدولة كل ما من شأنه أن يمس بالجزائر من طرف أي كان، سواء فنان أو مسؤول أو لاعب كرة أو جمهور، وأن هذا الأمر مدان بشدة، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الجزائر ضد التصعيد في المواقف بين البلدين· وقال عميمور إن السلطات الجزائرية لم تتخذ حتى الآن قرارا بسحب سفيرها، عبد القادر حجار من القاهرة، وأنها عاكفة على دراسة الأوضاع والتطورات المتسارعة، مشددا على أن الجزائر ترفض التصعيد وستنظر في قرارها حين تتضح الأمور جيدا من جانب القاهرة· وكذّب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الأمة، العديد من الصور والمشاهد التي تعرض الشباب الجزائريين يحملون أسلحة بيضاء، معتبرا ذلك تضليلا من الإعلام المصري لتأجيج مشاعر الجماهير وتزيد من الاحتقان الشعبي، الأمر الذي يدفع إلى رهن وتهديد علاقات البلدين، وتكسير روابط العائلات المصرية الجزائرية المشتركة· ورفض عميمور التعليق بشكل قاطع على تصريحات نجل حسني مبارك الخسيسة والمتدنية ضد الجزائريين، والتي تعبر عن مدى تدني مستوى تلك الطبقة التي تدعي أمام البسطاء المعرفة وقدرتها على تحمل مسؤولية حل مشاكلهم مستقبلا، وقال ''لا تعليق على ما قال''·