تؤكد تفاعلات الجمهور الرياضي العربي مع أهم الأحداث التي عرفتها الساحة الرياضية وكذا تشجيع مشاركة الأندية والمنتخبات العربية في التظاهرات الجهوية، القارية أو العالمية بأنه حان الوقت لاعتماد رؤية واضحة للاستثمار في متابعة الجمهور العربي للحدث الرياضي ذو القاعدة الشعبية العريضة من مختلف شرائح المجتمع، فمتابعة الجمهور ذو الأصول العربية أو العرق العربي تكشف الارتباط الكبير للاهتمام بالحدث الرياضي، اهتمام حفزته التكنولوجيا الحديثة للاتصال كوسيط فعال للنشر والإعلام والتوزيع· ها نحن نودّع سنة 2009 الحبلى بالأحداث الرياضية التي تميز الساحة العربية وتشد لها انظار الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج عبر المحطات الإذاعية، القنوات التلفزيونية والجرائد إضافة للتقنيات الحديثة للاتصال عبر الشبكة العنكبوتية، فماذا جنت الساحة الرياضية التي يحركها الإعلام الرياضي بمختلف وسائطه وماهي نظرتها الإستراتيجية تجاه الجمهور؟ ننطلق وكمثال من تقييم الاتحاد الدولي لكرة القدم - كأعلى هيئة دولية رسمية تعنى باللعبة الأكثر شعبية في العالم- لأهم الأحداث الرياضية على الصعيد العربي إذ يسجل موقع الفيفا محطات هامة شدت لها أنظار الجمهور الرياضي العربي، وطفت على الساحة الإعلامية جهويا ودوليا كلقاء مصر وإيطاليا حين هزم المنتخب المصري حامل اللقب العالمي إيطاليا، إضافة إلى اللقاء التأهيلي للمونديال بين السعودية والبحرين، وأخيرا لقاء الجزائر ومصر الذي نال اهتماما إعلاميا وجماهيريا غير مسبوق كما قالت الفيفا، وكان الحسم فيه لمحاربي الصحراء ذات 18 نوفمبر بأم درمان بالسودان· هذا على صعيد المنتخبات، أما على صعيد الأندية فقد كان شهر نوفمبر الماضي شاهدا على نهائي كاس الاتحاد الآسيوي بين فريقين عريقين وهما الكرامة السوري ونادي الكويت الكويتي، هذا الأخير الذي أحرز على أول لقب خارجي لفريق كويتي· المهم في هذا المقام ليس الأحداث الرياضية ولكن ما تمثله هذه الفعاليات والمنافسات من عامل استقطاب قادر على جمع كل هذه الجماهير والمتتبعين حولها، خاصة أن الرياضة لها من مميزات الانسجام، السرعة، الذكاء، الفن، القوة، الانضباط والمنافسة ما يجعلها بمساهمة واسطة الإعلام قادرة على تحريك هذه الكتل البشرية الهامة من مختلف الشرائح والأعمار والواعدة استثماريا بما تمثله من امتداد من المحيط إلى الخليج، مكونة سوقا رابحة ومساحة للاستثمار بالمعنى التجاري والتسويقي وهو ما تتسابق نحوه القنوات التلفزيونية كالجزيرة الرياضية مثلا وغيرها بشرائها لحقوق البث عبر الساحة العربية، وحتى العالمية، التي تجذب لها شعور الجمهور العربي الرياضي وحماسته· كما حذت المؤسسات الاقتصادية الراعية للبطولات والمنتخبات حذو المؤسسات الإعلامية خاصة منها شركات الاتصالات للهاتف النقال باعتبارها أكبر المؤسسات الاقتصادية الحديثة في العالم العربي المرتبطة بالتغيرات السياسية والاقتصادية التي فرضتها على وجه التحديد خصخصة الشركات والمؤسسات والبنوك· وفي ظل العولمة والسماء المفتوحة على كل قادم وباعتبار المقاربات الحديثة لدراسات الجمهور تتطلب استكشاف طريقة عمل الاتصال الجماهيري في وسائل الإعلام الرياضية وتأثيره في المجتمعات بناء على الانتماء الإثني أو العرقي المشترك والذي قد يعني التأثر المشترك ويدعو إلى التفاعل المشترك للنهوض بالإعلام الرياضي العربي مقروءا ومسموعا ومرئيا ليقوم بدور التوعية بالمفاهيم والقيم الرياضية في جميع مجالات العمل والحياة ونقطة قوة لتعزيز الانتماء العربي من خلال الاستثمار في جمهور الإعلام الرياضي بما يخدم دعم وتنمية التواصل والتفاعل بين جميع شرائح مجتمع القطر الواحد وبين أقطار الدول العربية لتكوين الاتجاهات الصحيحة نحو الرياضة بما يسهم في إحداث التغيير الايجابي في المجتمع العربي عن طريق التخطيط من الهيئات والمنظمات ووضع استراتيجيات إعلامية وضوابط في دائرة اهتمام الإعلام الرياضي العربي من خلال رصد أهم القضايا الرياضية المثارة على الساحة المحلية، الجهوية، القارية أو العالمية والتي تدخل في دائرة الاهتمام الإعلامي كوسيط لتجنيد الجمهور الرياضي العربي وتصميم رسائل إعلامية مناسبة ترتقي بالحركة الرياضية إلى مستوى طموح الجماهير وتزيد من تقارب الجمهور العربي والشعوب العربية· وأخيرا نقول إنه وبقدر أهمية الموضوع وخطورته فالأولى بالهيئات الرسمية على الساحة العربية البحث والمبادرة لإيجاد آليات لتقنين وتنظيم الاستثمار في هذه الكتلة المغرية لشعوب قلب العالم بمعان أخرى غير الجانب التجاري كالبعد التربوي والاجتماعي أو حتى السياسي بما يحافظ على المصالح الإستراتيجية المشتركة البعيدة المدى· كتبها: الصحفي أحمد المهدي الزواوي صحفي بالإذاعة الجزائرية