لماذا تم التعتيم المفترض على كتاب أول من نوعه، يتناول إعدام صدام حسين، وعلى اسم دار النشر المغمورة التي أصدرت الكتاب؟ سؤال يفرض نفسه على كل محلل لعلاقة توجهات دور النشر بموقفها العام والمبدئي من الرئيس الراحل الذي كان صديق فرنسا أيام المصلحة المتبادلة، وأضحى ديكتاتوريا ودمويا يجب القضاء عليه بعد أن انقبلت المصلحة نفسها إلى عداوة فرضها العم سام على فرنسا الساركوزية، ليس لتحرير العراق من الطاغية وتدمير أسلحة الدمار الشامل المتوهمة بل لتحقيق رغبة المهيمن على العالم اققتصاديا وإيديولوجيا، والساعي إلى السيطرة على بديل نفطي تحسبا لسقوط المضخة السعودية. كتاب “صدام حسين..أسرار موت مبرمج” الذي ألفه محاميه خليل الدليمي، لم يلفت انتباه الإعلام الفرنسي بكافة أصنافه لأنه صدر عن دار ساند المغمورة التي لا تتماشى مع منطق قوة اللوبيه المسيطر على دور نشر معروفة بولائها لأبواق الأمر الإيديولوجي الواقع وعدم تناول الصحف الكبرى - باستثناء لوباريزيان الشعبية المتوجهة لاصحاب المستوى الفكري المحدود - يكشف عن برمجة مبيتة خطط لها على النحو الذي يتكامل مع استراتيجية تبرير إعدام رجل صوّر للرأي العام وحشا دون القادة العرب الآخرين حتى يتم تفادي كل تعاطف بسيط مع الضحية الذي أُعدم بطريقة بشعة لترهيب قادة عرب آخرين ليلة عيد المسلمين. كتاب الدليمي الذي حمل صورة صدام قبل إعدامه بدقائق.. رصد في البداية تاريخ نشأة العلاقة التي ربطت المحامي بصدام في سياق الحملة التي قادها مئات المحامين من كل الجنسيات للدفاع عن الرئيس العراقي السابق، ليس من منطلق التعاطف الإيديولوجي بل استنادا لمعطيات غير قانونية، تثبت عدم شرعية المحاكمة وبالتالي الإعدام. المحامي الدليمي الذي أكد أنه تطوع مثل المحامين الآخرين تحدث عن لقاءاته الكثيرة مع صدام انطلاقا من تاريخ السادس عشر ديسمبر من عام 2004 أي بعد عام تقريبا من تاريخ القبض عليه، وكتب يقول إنه كان يريد خلال كل لقاء معرفة تطور الأوضاع في العراق على حساب الإهتمام بمصيره، وتكرر ذلك مائة وأربعين مرة خلال لقاءات حضرها السجانون وأخرى جمعته بصدام وجها لوجه بصفة فردية. عدم السماح له بحضور احتفالية الإعدام غير الإنسانية تبين في تقدير الدليمي خلفية البرمجة الجهنمية لإعدام أُريد له أن يكون عبرة لقادة عرب غير ديمقراطيين مثل صدام.. ولا أدل على صحة ذلك وضع حبل طويل وخشن حول رقبة صدام بهدف تعذيبه خلال أطول مدة زمنية ممكنة وضربه بوحشية، قبل أن يلفظ أنفاسه مبتسما بشجاعة خارقة أكدها عدم قبوله “شكارة نيلو” لتغطية وجهه. في حديثه لصحيفة لوباريزيان، قال الدليمي إنه لم يستبعد أن يكون جورج بوش وطوني بلير من الجلادين الذين حضروا احتفالية الإعدام مرتدين “كاغولات” تكشف عن العيون فقط.