فشل القادة العرب في التوصل إلى توافق بشأن استئناف الفلسطينيين لمحادثات السلام مع إسرائيل من عدمه، واختتمت القمة العربية الثانية والعشرون والتي استمرت يومين في مدينة سرت الليبية دون تبني بيان رسمي بشأن موضوع المفاوضات وكذلك دون التوصل إلى قرار سياسي لنصرة القدس والاكتفاء بالدعم المالي أقر الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، في مؤتمر الختام الصحافي بالحاجة الملحة إلى اتخاذ قرار جماعي بشأن المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية. وهذا المقترح الذي أثار مبكرا الجدل تقرر أن يدخل في ماكينة البيروقراطية العربية المعتادة عبر توصية تطالب موسى بتقديم تقرير مفصل عن آليات تحقيق الرابطة وأهدافها للقادة العرب لاحقا، وهو خيار يعني عمليا بأن الفكرة أجهضت. وقالت مصادر إعلامية إن مصر والسعودية أعربتا عن استيائهما من موسى بسبب هذا الاقتراح. كما فشلت القمة أيضا في التوصل إلى توافق بشأن اقتراح قدمه موسى بضرورة أن تبدأ الجامعة العربية في حوار مع طهران يتعامل مع المخاوف من البرنامج النووي الإيراني. وقال الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، إنه لا يعتقد أن الوقت قد حان ليرى العرب أن إيران غيرت موقفها تجاه الدول العربية. وتجنبا لإثارة المزيد من التوتر بين الدول التي تتبنى خيار المقاومة مع إسرائيل والدول التي تعتمد الخيار التفاوضي انتهت القمة العربية إلى نص هجين لا يحقق للرئيس عباس ما يريده بخصوص دعم خيارات التفاوض غير المباشر، ويبقي مصير وثيقة المبادرة العربية معلقا بنفس الوقت، بمعنى أن قمة سرت لم تقدم جديدا على صعيد المبادرة العربية وخيارات التفاوض التي تركت لمجموعة الاعتدال العربية فرديا ولم تحظ بغطاء عربي بسبب الضغط السوري في الاتجاه المعاكس. الملاحظ هنا أن دولة قطر وقفت إلى جانب الرئيس السوري وهو ينتقد بحماس في الاجتماع المغلق خيارات التفاوض غير المباشر، وبصورة أقل فاجأت الكويت الجميع بموقف حاسم يرفض التفاوض غير المباشر قبل تجميد الاستيطان الإسرائيلي خصوصا وأن حوارا لا يخلو من الحدة تحدث عنه وزراء الخارجية بين الرئيسين السوري والفلسطيني تساءل خلاله الثاني عن هوية من سيقاوم إذا لم يكن الخيار العربي سلميا؟ فعلق الأول مطالبا عباس بأخذ زمام المبادرة وقيادة المقاومة بصفته قائدا للشعب الفلسطيني، فيما أوضح عباس بأن المفاوضات خيار عربي تدعمه المبادرة ولم يعد خيارا فلسطينيا فقط. مسألة أخرى بقيت معلقة رغم بعض الحوارات الصاخبة خلف الأضواء بين الزعماء وهي مسألة الخيار السياسي العربي دفاعا عن القدس. فالقمة عمليا لم تنته بأي خيار سياسي واكتفت بالدعم المالي البالغ 500 مليون دولار وبدون أي اتفاق على الحصص وعملية نقل وتوزيع هذه الأموال، والمعنى أن قمة القدس في سرت لم تنته بأي قرار مهم حول القدس فسجلت مفارقة أخرى من مفارقات القمة. ويتحدث القرار العربي عن لجنة وزارية عربية تذهب لنيويورك وتلجأ للأمم المتحدة وعن شكاوى قضائية سيرفعها العرب في المحاكم الدولية مع تحريض المجتمع الدولي عليها.