أصدر مركز “النزاهة المالية العالمية” الأمريكي مؤخرا تقريرا خاصا حول تهريب الثروات من القارة الإفريقية على مدى 38 عاما، صنفت فيه الجزائر في المرتبة الثالثة إفريقيا والثانية مغاربيا من حيث حجم الأموال المهربة. وقدر التقرير الأمريكي، وبشكل تحفظي، الأموال المهربة بأكثر من 26 مليار دولار، خرجت كلها على شكل تهرب ضريبي وشركات وهمية وتبييض أموال وسوء التسعيرة التجارية وتجارة المخدرات، فيما بلغ حجم الأموال التي أودعت في بنوك أجنبية أكثر من 854 مليار دولار من كل القارة، كان بالإمكان أن تستثمر من أجل تحسين مستوى المعيشة لسكان إفريقيا. ورجح التقرير أن يكون حجم الأموال المهربة من إفريقيا بطرق غير مشروعة قد بلغ 1.8 تريليون دولار، والتي تفوق حجم المساعدات المالية المرصودة لتنمية القارة السمراء وتخفيف حدة الفقر والجوع والأوبئة، وتفوق أيضا حجم مديونية القارة. التقرير الذي يكشف عن فساد أشد سوادا من القارة ووضعيتها على جميع الأصعدة، يشير إلى أن الفرد الواحد في إفريقيا يفقد سنويا قرابة 989 دولار أمريكي منذ سنة 1970، وأن الأموال المهربة في 2008 زادت عن الناتج الكلي للقارة ب7 بالمائة، وسجل التقرير أن حجم الأموال المهربة قد انخفض قليلا في التسعينيات مقارنة بما قبل وما بعد، حيث بلغ 4 بالمائة من الناتج الكلي للقارة، وهو ذات الشأن في الجزائر. وصنفت الجزائر من طرف مركز “النزاهة المالية العالمية” في المركز الثالث إفريقيا، بعد نيجيريا التي احتلت المرتبة الأولى ب89.5 مليار دولار، ومصر ب 70.5 مليار دولار. أما مغاربيا فالجزائر تأتي مباشرة بعد المغرب، الذي بلغ فيه حجم الأموال المهربة أكثر من 33 مليار دولار، حيث يشير التقرير إلى أن 26 مليار و137 مليون دولار خرجت من الجزائر بطرق غير مشروعة ووجهت نحو وجهات معروفة وأخرى غير معروفة على مدى الفترة المحددة في التقرير. أما الطرق التي هربت بها الأموال، التي كان من المفروض أن توجه لتحقيق العدالة الاجتماعية وترقية حق المواطن الجزائري في الصحة والسكن والشغل بشكل رئيسي بدلا من الدفع بالبعض إلى الانتحار أو الهجرة السرية وفي أحسن الأحوال العيش دون بلوغ الكرامة الإنسانية، فتمت من خلال لجوء سراق المال العام إلى التهرب الضريبي وإنشاء شركات وهمية وسوء التسعيرة التجارية وتهريب البضائع والسلع المقلدة وتجارة المخدرات، ومن دون شك فإن هذه الأرقام تشير إلى أن حملة مكافحة الفساد تأخرت كثيرا بالنظر إلى حجم الفساد المنتشر. التقرير يبين أن القارة خسرت قرابة ال500 مليار دولار خلال كل عشرية، في وقت ما تزال نسبة المتوفين جوعا مرتفعة، ونسبة المرضى والأميين أيضا جعلت إفريقيا في مقدمة كل دول العالم من حيث الفقر والآفات والأمراض وكل ما هو سلبي. واستنادا إلى التقرير ذاته فقد بلغ حجم الأموال المُهرَّبة إلى الخارج 2% من الناتج الكلي الإفريقي في العام 1970، وبلغ في العام 1987 أكثر من 11%. وتراجع في تسعينات القرن الماضي إلى 4%، ليرتفع في العام 2007 إلى 8% . وبالنسبة لدول المغرب العربي فصنفت كالتالي: المغرب ثم الجزائر، تليهما تونس وليبيا فموريتانيا، وفقدت المنطقة المغاربية في الفترة المذكورة ما يفوق 182 مليار و100 مليون دولار. وأوصى تقرير مركز “النزاهة المالية العالمية” بضرورة اتخاذ تدابير لمعالجة العوامل الكامنة وراء التدفقات غير المشروعة التي نمت بنسبة 11 بالمائة سنويا، كما دعا البلدان الإفريقية إلى التأثير على مجموعة ال20 من أجل تحسين الشفافية وتشديد الرقابة على البنوك العالمية والمراكز المالية الخارجية التي تمتص هذه التدفقات.