أكد عدد من مصدري القمح اللين من الدول الأوربية أن الجزائر لم تعر اهتماما للعروض التي قدموها بعد إطلاعها على إعلانات المناقصة الخاصة بشراء القمح اللين، بحجة ارتفاع ثمن المنتوج دون أن تطلب التفاوض حول الأسعار المقدمة أو تعلن عن تاريخ محدد لاستيراد حاجياتها من القمح اللين. قال مصدرو القمح اللين في تصريح لوكالة “رويترز”، إنه من الواضح أن الجزائر لم تعر أدنى اهتمام للعروض المقدمة من طرفهم بدليل أنهم يجهلون تاريخ إجراء المناقصة الخاصة بتموين الجزائر بالقمح اللين. وأرجع أحد المشاركين في المناقصة عدول الجزائر عن استيراد القمح الأوربي بسبب الأسعار المعلن عنها والتي تبدو، على حد قوله، مرتفعة. وتابع المتحدث أن الجزائر التي تعتبر من بين أكبر مستوردي القمح في العالم تتحفظ بسرية تامة في مجال الإجراءات المتعلقة بشراء هذا النوع من المنتوج، كما تتم العملية في إطار سري وتستغرق مدة طويلة دون أن تعمد السلطات على نشر نتائج المناقصات الدولية بصفة رسمية. وفي سياق متصل، أوضح أحد المشاركين في المناقصة أن الجزائر أعلنت في بداية الأسبوع، عن المناقصة الأولى في إطار الموسم الأول للاستيراد 2010/2011، من أجل استيراد 50 ألف طن، حيث من المرتقب أن تمول أسواقها الوطنية بأسعار جد باهظة مقارنة مع العروض المقدمة في المناقصات الفارطة، مقابل وجود أقلية من المصدرين تشارك في تلك المناقصة. وأضاف أحد المشاركين في المناقصة الفارطة أن الجزائر اشترت في شهر مارس المنصرم 300 ألف طن من القمح اللين الفرنسي بسعر 190 دولار/طن. وحسب بعض المتعاملين فإن أحسن عروض القمح الفرنسية ستقدم هذا الأسبوع، حيث أن الأسعار تتراوح ما بين 205 و210 دولار /طن، وأرجعوا سبب الارتفاع إلى انخفاض قيمة الأورو في الأسواق العالمية والحاجة إلى تغطية مجال التصدير ومشاكل لوجيستيكية في السوق النقدية، في حين لايزال الغموض حول حجم ونوعية موسم الحصاد المقبل تطرح بشدة، كما أن أسعار القمح في السوق الأوروبية حققت في ماي المنصرم أرباحا وصلت إلى 5 أورو للطن الواحد. وفي سياق متصل، نقلت ‘'رويترز'' للأنباء عن المصدرين الأوروبيين أن الديوان الوطني للحبوب رفض العروض التي تلقاها لإتمام صفقة الشراء، بالنظر إلى أن أفضل العروض التي تحصل عليها تراوحت أظرفتها المالية ما بين 213 و215 دولار للطن الواحد، وهي تكلفة اعتبرها الديوان باهظة، خاصة إذا ما أضيفت لها تكاليف الشحن من القارة الأوروبية باتجاه الجزائر. وأضاف نفس المصدر أن العروض التي تلقاها الديوان الوطني للحبوب جاءت أساسا من فرنسا وألمانيا، طبقا لنفس المعايير والشروط المتعلقة التي سطرتها الجزائر والمتعلقة بنوعية وجودة المنتوج. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر تعد من أهم مستوردي القمح قبل قرار الحكومة وقف الاستيراد مؤقتا، حيث احتلت المرتبة السابعة عالميا في قائمة الدول المستوردة لهذه المادة الأساسية نتيجة الكميات الكبيرة التي كانت تستوردها من دول أخرى، كما تعد فرنسا الممون الرئيسي للجزائر سواء بالنسبة للقمح الصلب أو اللين، حيث استوردت الجزائر، حسب إحصاءات الجمارك 3.24 ملايين طن من القمح اللين بقيمة تقدر ب879 مليون دولار. أما بالنسبة للقمح الصلب فاستوردت الجزائر من فرنسا التي احتلت المرتبة الثانية في قائمة الممونين، ما قيمته 255 مليون دولار لاقتناء أكثر من 477 ألف طن من القمح الصلب، والأرقام تعكس تراجعا في حجم واردات الجزائر من مادة الحبوب سنة 2009 مقارنة بسنة 2008. كما أن الموسم الفلاحي المنصرم سجلت خلاله الجزائر أرقاما اعتبرت قياسية، ما حتم عدم اللجوء إلى استيراده من الأسواق الخارجية بنفس الكمية التي كانت تجلب سابقا، وهو الأمر الذي لم يرق الدول الموردة.