يومها التقى كل من فريق حي الشرطة وحي البرتقال في مباراة ودية جرت بصفة عادية، إلى غاية إشهار الحكم، وهو الضحية في نفس الوقت، بطاقة حمراء في وجه أحد لاعبي فريق المتهم الذي لم يعجبه الأمر، فقرر أن يحتج بطريقته فوجه لكمة مباشرة إلى وجه الحكم، قبل أن يدخلا في صراع لم ينته إلا بسقوط الضحية أرضا وهو مغشى عليه، لينقل على وجه السرعة إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى محمد يزيد حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. لتتضارب بعدها تقارير الخبرة الطبية حول السبب الحقيقي للوفاة، وتصنع حجما من الإثارة داخل قاعة المحكمة. ففي الوقت الذي قالت الخبيرة الأولى إن الوفاة لم تنجم عن العنف الذي تعرض له الضحية، بل بسبب خطإ طبي من الأطباء الذين عاينوا الضحية عند وصوله إلى المستشفى، مؤكدة أن الحقنات التي تلقاها كانت السبب المباشر لوفاته، في حين قال الجراح المعاين رفقة مساعديه أمام هيئة المحكمة أن الضحية لما وصل إلى المستشفى كان قد مات، حيث توقف قلبه ونظامه التنفسي عن النشاط وقدمت له الإسعافات العادية الواجب اتباعها في مثل هذه الحالة. يذكر أن قاضي التحقيق في تلك الفترة أمر بإجراء خبرة أخرى، حيث أعيد تشريح الجثة بعد شهرين من دفنها، غير أن تحللها حال دون أن يتمكن المختصون من الوصول إلى النتيجة المطلوبة، سيما وأن الطبيبة الشرعية الأولى كانت قد أكدت أن الضحية لم يكن بصدره أي كدمة تشير إلى النزيف الدموي الحاد الذي عانى منه وتسبب في مقتله، وهو ما تطابق مع شهادة الشهود الذين قالوا إن الجاني لم يوجه سوى لكمتين للضحية الأولى على مستوى الوجه والأخرى في الجنب، وهو ما لا يفسر النزيف الذي حصل على مستوى الصدر إلا بكونه خطأ طبيا حسب الخبيرة (م. كلثوم). من جهته التمس النائب العام تسليط عقوبة 10 سنوات في حق الجاني الذي طلب من عائلة الضحية مسامحته، لأنه لم يقصد قتله، فيما حاول الدفاع التركيز على التناقض الذي جاء في تقارير الطب الشرعي وما جاء مع تصريحات الأطباء المعاينين، محاولا تغيير مسار القضية وتوجيه أصابع الاتهام نحو الأطباء، مطالبا ببراءة موكله أو تخفيف عقوبته على سبيل الاحتياط، فيما عادت المحكمة لتقضي على المتهم بثلاث سنوات سجنا نافذا، وهو الحكم الذي انهارت لسماعه والدة المتهم التي كانت تأمل في رؤية فلذة كبدها وهو يطوي صفحة هذه القضية التي لازمته منذ أربع سنوات.