من المنتظر أن تشهد منطقة الساحل توترا وأزمة دبلوماسية بين الجزائر من جهة، ودول المنطقة ممثلة في موريتانيا ومالي وبدرجة أقل بوركينافاسو، إضافة إلى إسبانيا من جهة أخرى، على خلفية الطريقة التي تم من خلالها إطلاق سراح الرهينتين الإسبانيين المختطفين لدى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. ويعيد سيناريو تحرير الرهائن الإسبان إلى الأذهان ما حدث في شهر فيفري الماضي بعد عملية تحرير الرهينة الفرنسي، بيار كامات، الذي كان مختطفا لدى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وتبين فيما بعد أنه جاسوس فرنسي، أعقبه إطلاق باماكو سراح 4 إرهابيين من سجونها، 2 منهم مطلوبان لدى العدالة الجزائرية، وما انجر عنه من أزمة دبلوماسية بين الجزائر ومالي استدعت خلالها الجزائر سفيرها في مالي ولم تنته إلا منذ أيام قليلة. وبرأي المتابعين فإن إمكانية انسحاب الجزائر من الاتفاقيات الأمنية التي تجمعها بدول المنطقة تبقى واردة، في ظل الخروقات التي تأتي من شركائها في هذه الاتفاقيات، من حين لآخر، تحت ضغط من الدول الغربية التي لا هم لها سوى حماية مصالحها مهما كانت. وتحدثت مصادر إعلامية موريتانية عن أن نواكشوط تلقت إشارات واضحة من الجزائر تنتقد فيها مبادلة السجناء المدانين بقضايا الإرهاب والانتماء لتنظيمات إرهابية لقاء تحرير رهائن مختطفين، حيث قالت المصادر ذاتها إن مبادرة الجزائر التي يدعمها الاتحاد الإفريقي، والتي تم رفعها للأمم المتحدة لتجريم هذا الفعل، تعد بمثابة إشارة عدم رضا من الجزائر إلى موريتانيا ودول الجوار حول السياسات المتناقضة بخصوص مكافحة الإرهاب. ويرى مراقبون أن الحكومة المالية ربما تكون لجأت إلى إطلاق الصحراوي، في صحاري البلاد، ليلتحق بصفوف القاعدة التي وضعت إطلاق سراحه ضمن شروط صفقة تحرير الرهينتين. وبخصوص الطرف الإسباني، إذا ما تأكدت فرضية دفع مدريد لفدية لصالح تنظيم “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي”، فإن العلاقات الثنائية بين البلدين ستعرف لا محالة شرخا عميقا، خاصة وأن إسبانيا كانت قد قدمت تعهدا للجزائر بعد دفع الفدية للتنظيم الإرهابي لقاء تحرير رهائنها، وذلك خلال الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إلى مدريد شهر جانفي من العام الجاري.