تواجه أرملة وابنة الشهيد حسين دريد، الذي يحمل اسمه مستشفى الأمراض العقلية بالقبة، الطرد من القطعة الأرضية التي شيّدت عليها سكنها العائلي منذ سنوات بحي اسطمبول ببلدية برج الكيفان أرملة الشهيد: ”زوجي استشهد والحكومة الجزائرية مطالبة بالدفاع عني والتكفل بحمايتي” لخّصت فاطمة أرملة دريد معاناتها بقولها ”ذهب الرجل وحامي أسرتي، والحكومة الجزائرية اليوم مطالبة بالدفاع والتكفل بحمايتي”. مضيفة ”ما دامت البلدية معروفة لدى العام والخاص بنفوذ مافيا العقار فيها، بدليل وجود قرارين للاستفادة من قطعة أرضية، كان على العدالة فتح تحقيق في الموضوع وليس تمكين شخصين يقطنان ببرج الكيفان، انتظرا مدة 19 سنة، ليأتيا اليوم ويدّعيان ملكيتهما للعقار لأنهما يستندان على قرار إداري غير مسجل”. وأفادت أرملة الشهيد دريد، أن قرار الطرد الصادر في جلسة 27 ماي المنصرم، جعلها تدخل في دوامة من الحيرة والذهول، وأضحت حسب قولها أشبه بامرأة مغلوب على أمرها بعدما قررت العدالة تشريدها من منزلها الذي قطنته رفقة ابنتها، وشيدته حجرا بحجر، ولا تزال منذ 20 سنة وهي تحاول أن تنهي أشغاله مستعينة بمنحة الشهيد التي تتقاضاها وابنتها. وأضافت أن ظنها بأن القدر أخيرا سيريحها وهي في سن 76 من عمرها من المتاعب والمشقة التي واجهتها في تربية أولادها الثلاث لوحدها منذ استشهاد زوجها سنة 1961، سرعان ما تحوّل إلى كابوس مزعج يؤرق يومياتها، حيث رفضت في بادئ الأمر أن تكشف ل”الفجر” التي زارتها في مسكنها ببرج الكيفان، بعض ملامح ”المزيرية” التي عاشتها، إلا بعد إلحاح متواصل، حيث قالت وبكلمات متقطعة إن الظروف المعيشية الصعبة دفعتها للخروج لتأمين لقمة العيش لأبنائها وهي في سن 27 من العمر...”عملت نهارا في مطبخ إحدى المؤسسات، وفي الليل كمنظفة في العمارة التي كنت أقطن فيها بالحراش، وظللت أعمل لمدة 27 سنة قبل أن يصدر قرار يمنع أرامل الشهداء من العمل كمنظفات”. واستطردت قائلة ”هربنا من الحراش خلال سنوات المأساة الوطنية بعدما قام ابني بشراء هذا العقار، الذي يحاولون اليوم سلبه منا وطردنا منه باسم القانون، هربنا لأن الإرهاب وقتها كان يقتل أرامل وأولاد الشهداء”. وأردفت مضيفة أن قيام المحضر القضائي بتبليغهم بقرار الطرد، الذي تصادف وبداية الشهر الفضيل المنقضي، ”حرمني من متعة الشهر العظيم، وحرّم علي النوم، حيث لم أعد أقدر على إغماض جفوني إلا بتناول الأقراص المنومة”، وأضافت ”أظل أبكي، الإحساس بالحرقة يعمّق من حزني.. أنا اليوم أشكو همّي لله، ثم للحكومة الجزائرية، وأقول لهم هل من العدل أن تطرد بنت وأرملة شهيد، وأن نذهب للشارع ونشيّد ”ڤيطون؟”. وأضافت أنه بالرغم من افتكاك الأخوين اللذان ادّعا ملكيتهما للقطعة الأرضية، لقرار قضائي لصالحهما، إلا أنها مصرّة على ملكيتها للقطعة الأرضية التي شيّدت عليها منزلها، وتستند في ذلك على العديد من الأدلة والوثائق الإدارية – تحصلت الفجر على نسخ منها-. التدقيق في هذه الوثائق يبيّن أحقية وملكية عائلة الشهيد دريد حسين للعقار الذي شيّدت عليه المنزل، الذي لا يزال في طور البناء، حيث تشير الشهادة المحررة من طرف حميد جمعة الرئيس الأسبق لبلدية برج الكيفان، بتاريخ 27 جويلية 1989، إلى أن المدعو ”ح.م” وهو الشخص الذي باع القطعة لعائلة دريد، استفاد من قطعة أرضية رقم 242، بحي اسطمبول ببرج الكيفان، مثلما هو مسجل بالسجل الخاص بالمستفيدين من القطع الأرضية لسنة 1989 تحت رقم 104/89. كما أن صاحب القطعة الأرضية الأول ”ح.م” تحصّل سنة 1989 من رخصة بناء مسكن عائلي بطابقين، وهذا ما يعني أن أصل ملكية العقار صحيحة، مثلما تبيّنه هاتين الشهادتين. في سنة 1998، قام صاحب العقار الأول”ح.م”، بتحرير وكالة لعائلة دريد، للتصرف في العقار مثلما تبينه الوثيقة الحاملة لتاريخ 13 جوان 1998، والمحررة لدى موثق ”ح.س”، الكائن مكتبه بالحراش. ليتم سنة 2003 بتحرير عقد وعد بالبيع لدى الموثق”إ.ح”، لفائدة عائلة دريد بعد دفع مبلغ 150مليون سنتيم ثمن شراء العقار. في سنة 2009، تفاجأت عائلة دريد، بقيام أخوين يقطنان ببلدية برج الكيفان مثلما تينه الوثائق، بمقاضاة عائلة دريد أمام محكمة الحراش، على أساس أن هذه الأخيرة اعتدت على ملكيته العقارية المتمثلة في القطعة الأرضية رقم 137، غير أن المحكمة رفضت قضيتهما لعدم التأسيس، ليستأنفا الحكم لدى الغرفة العقارية بمجلس قضاء الجزائر حيث ألغى أحمد بن سعدة رئيس الغرفة العقارية بمجلس قضاء الجزائر، الحكم الصادر عن محكمة الحراش وقضى بطرد عائلة دريد من العقار الذي تقطنه منذ 19 سنة. ورغم محاولة دفاع دريد تبيان للمحكمة أنها صاحبة العقار، من خلال الوثائق الموضحة، وكذا قيام الأخوين بمحاولة استرجاع حقهما ”المزعوم” بعد مرور 19 سنة، لا يمكن على أساسه سقوط ملكيتهما للقطعة طبقا للمادة 3 من عقد الاستفادة التي تلزمهما بالبناء في غضون الثلاث سنوات، وإلا عادت الاستفادة للبلدية. كما استندت عائلة دريد على أن عقد الاستفادة الخاص بالأخوين غير مُشهر وغير مسجل، وهو ما يحول طبقا للمادة 29 من القانون 25/29 دون إمكانية ادعائهما بالملكية. ممثل الحق العام أيّد الحكم الصادر عن محكمة الحراش، الذي رفض دعوى الأخوين لعدم التأسيس، قبل أن ينطق القاضي بقرار إلزام عائلة دريد بإخلاء القطعة الأرضية رقم 137 الكائنة بحي اسطمبول رقم 01 برج الكيفان، وإلزام الأخوين بدفع مبلغ 2 مليون دينار، مقابل ثمن البناية. وهكذا صدر قرار بالطرد بإسم العدالة الجزائرية، التي تنطق أحكامها باسم الشعب الجزائري، الذي تنتمي إليها عائلة الشهيد حسين دريد، هذا الأخير قدم نفسه قربانا لتحرير البلاد والعباد حتى تحيا عائلته في كنف الاستقلال وليس في كنف الشارع.