استنكر المشاركون في الندوة العلمية التي احتضنها مركز"الشعب" للدراسات الاستراتيجية،أمس، قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير، داعين إلى ضرورة عقد اجتماعات لحث المحكمة على تصحيح ما جاء في قرار أوكامبو، ومن جهته اعتبر سفير السودان أحمد حامد أن القرار تقف وراءه بلدان تسعى إلى عرقلة العملية السلمية في السودان وأن توقيته يدعو إلى الشك والريبة، كما وصف محكمة الجنايات الدولية بالعرجاء. وصف سفير السودان بالجزائر أحمد حامد، أمس، خلال الندوة العلمية التي احتضنها مركز"الشعب" للدراسات الاستراتيجية حول موضوع إدانة الجناية الدولية للرئيس عمر البشير، قرار هذه الأخيرة بالغريب والمخالف لمباديء القانون الدولي، معتبرا أن صدور مذكرة التوقيف في هذا الوقت بالذات يدعو إلى الشك والريبة على اعتبار أن ذلك يقف أمام العملية السلمية في السودان وعرقلة سير الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في النصف الثاني من العام الجاري. واعتبر المتحدث أن مثل هذا القرار يعد انتهاكا لسيادة السودان، وسعيا إلى النيل من وحدة السودان وتقسيمه إلى دويلات صغيرة، كما أنه قفز على الجهود العربية والإفريقية لحل أزمة دارفور التي كانت أزمة بسيطة إلى حين تدخل بعض الأطراف الأجنبية وعلى رأسها فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية، اللتان استغلتا هذه القضية لإيجاد موطيء قدم في إفريقيا، وأبدى سفير السودان استغرابه من سرعة تطور قضية دارفور من مشكل بسيط وتقليدي بين رعاة ومزارعين كانت لهم مطالب مشروعة ومقبولة لدى السلطة السودانية إلى أزمة ذات أبعاد خطيرة تهدد وحدة السودان واستقراره. وبعد أن وصف محكمة الجنايات الدولية بالعرجاء التي تستهدف بعض الدول دون أخرى، ذهب أحمد حامد إلى تفسير ذلك بالقول إن المدعي العام قد فشل في تطبيق مبدأ التكامل الذي يعد أحد المباديء الأساسية للمحكمة، مرجعا ذلك إلى كون هذا الأخير قد استقى معلومات مغلوطة من مصادر لا يمكن الاعتماد عليها، كما أشار إلى أن السودان لا يعد أحد الدول ال 108 المنتمين إلى هذه المحكمة، ومضيفا من جهة أخرى أن القضاء السوداني يتمتع بالعدالة والشفافية الكافيتين لحل أية مشاكل داخلية. أما علاوة العايب، أستاذ القانون الدولي بجامعة الجزائر، فقد شرح تاريخ ومباديء محكمة الجنايات الدولية، ليصل في الأخير إلى أن مبدأ التكاملية يستند إلى سيادة الدول، حيث أن الاختصاص الأصيل من حق المحاكم الوطنية، ولا يحق لمحكمة الجنايات الدولية أن تبث في أية قضية إلا إذا توفرت ثلاثة شروط أساسية هي أن تكون هناك دلائل على أن الدولة غير مستعدة لمحاكمة مرتكبي الجرائم، وأن إمكانياتها القانونية لا تسمح بذلك، أو أن الدولة نفسها هي التي تحيل القضية على محكمة الجنايات الدولية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قضية دارفور هي القضية الوحيدة التي أحالها مجلس الأمن إلى هذه المحكمة. ومن جهة أخرى، ذكر المتحدث بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تخضع لأي نظام دولي ليست طرفا فيه، وهي تعلن ذلك صراحة، بل وأنها مارست عدة ضغوط على محكمة الجنايات الدولية على الصعيد الداخلي للمحكمة والخارجي وعلى مستوى مجلس الأمن، وعليه اعتبر المتحدث أن السودان في نفس الوضعية حيث أنها ليس عضوا في محكمة الجنايات الدولية، ولا تخضع لأي قرار من قراراتها، متسائلا عن الازدواجية في تعامل هذه المحكمة مع الطرفين. وأردف العايب قائلا ينبغي أن توجه هذه المحكمة أمرا بالقبض على القادة العسكريين والسياسيين في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل اللتان لهما تاريخ أسود في جرائم الحرب وانتهاك حقوق الإنسان، مطالبا في نفس السياق، بضرورة أن تقوم هذه المحكمة بتدارك ما ارتكبته لأنه يؤثر على العملية السلمية في السودان. ومن جهته، اعتبرت مايا ساحلي أستاذة القانون الدولي بالمدرسة العليا للإدارة وعضو المجلس الأعلى للقضاء، في مداخلتها أن عمر البشير رئيس دولة يزاول مهامه، وهو محمي من طرف عديد من الاتفاقيات الدولية، مشيرة إلى أن محكمة الجنايات الدولية تكيل بمكيالين في تعاملها مع الدول إذا أنها لا تستهدف سوى البلدان الإفريقية، وأضافت ساخرة في هذا الإطار حري بها أن تغير اسمها من محكمة الجنايات الدولية إلى محكمة الجنايات الإفريقية، واتقدت المتحدثة من جهة أخرى موقف الدول تجاه قضية البشير واصفة إياه بالباهت، معتبرة أن هذا الموثق ما كان ليكون على هذا الحال لو تعلق الأمر ببلد أوروبي أو غربي. كما انتقد عبد الرزاق بارة مستشار رئيس الجمهورية في قضايا حقوق الإنسان تعامل محكمة الجنايات الدولية مع السودان بسياسة مزدوجة، معتبرا أن هناك أكثر من 500 شكوى مقدمة لدى هذه المحكمة من آلاف المنظمات والمحامين حول قضايا انتهاك حقوق الإنسان في القوقاز وفلسطين وكولومبيا وأن أغلبها ضد الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين، لكن كل هذه القضايا رفضت على اعتبار أنها لا تقوم على أي أساس قانوني، ودعا عبد الرزاق بارة إلى ضرورة عقد اجتماع على مستوى جامعة الدول العربية لتقديم تصحيح لما جاء في قرار أوكامبو. وخلال المناقشة تدخل كريم خلفان أستاذ القانون الدولي من جامعة تيزي وزو منتقدا قرار المحكمة الجنائية الدولية، كما تدخل أيضا الوزير السابق وعضو الهيئة التنفيذية للأفلان عبد الرحمان بلعياط مؤكدا المعركة القانونية في قضية البشير ضرورية لكنها غير مجدية، داعيا البشير إلى أن لا يغامر بحضور القمة العربية المزمع عقدها في 2 أفريل المقبل بالدوحة.