وجدت باريس في أحزاب المعارضة منفذا لحشر أنفها في الوضع الداخلي للبلاد، وذلك من خلال جلسة “استفسارية” عقدها كبار قادة الكيدوسي مع رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الأرسيدي، سعيد سعدي، يوم الاثنين بمقر الحزب.وتتزامن زيارة الوفد الفرنسي وحالة الجمود والتوتر التي تعرفها العلاقات الجزائرية - الفرنسية واستنادا إلى بيان الحزب، انحصرت مختلف أسئلة أعضاء وفد الكيدوسي حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وطالبوا تقييما مفصلا عن المرحلة التي تلت إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لعهدة ثالثة. وقد تم اللقاء بعيدا عن أعين الصحافة، حيث حضره عن الجانب الفرنسي، المدير العام لمصلحة شمال إفريقيا، سغيل روكو، والمستشار المكلف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، برينو البير، والمستشارة السياسية لذات الهيئة، ماري دومولان، حيث طرحوا على رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، وأعضاء المجلس الوطني للحزب، محسن بلعباس، رابح بوستة، وعثمان مزود، حيث أعطى كل عضو تقييما عن أوضاع البلاد، وفق تخصصه ومجال نشاطه. ومثلما اعتاد عليه الارسيدي في تعامله مع مبعوثي ممثلي الدول الأجنبية وسفرائها، سارع لنشر غسيل الجزائر أمام ضيوفه، مستعينا بلغة النقد، حيث قال سعيد سعدي، إن “الجزائر لا تعيش فقط أزمة سياسية، بل إنها في وضع معزول، وأن الأرسيدي سيتحمل مسؤوليته ويساهم في تغيير الأوضاع نحو الأحسن، من خلال تركيزه على العمل الميداني”، وأضاف أنه لا يكترث بالتضييق المطبق، حسب تصريحه. وقال بيان حزب الارسيدي إن “انفراج الأوضاع لن يأتي سوى عبر تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة، يختار فيها الجزائريون ما يريدونه، وإنه من واجب المجموعة الدولية الانضمام إلى فكرة المراقبة بقوة ونوعية”. واستنجد سعيد سعدي بالكيدوسي لتحسيس المنظمات الدولية بضرورة تغيير الأوضاع في الجزائر، بعد أن عرض تقريرا أسود عن البلاد، في محالة منه لاستعطاف باريس، الأمر الذي فسرته أطراف على انه تدخل صارخ في الشأن الداخلي الجزائري و”وقاحة دبلوماسية”، خاصة وأنها مرتبة مع حزب معارض لا يمكن أن يقدم تقييما إيجابيا عن الأوضاع ويظهر النية المبيتة لضيوف الأرسيدي. وتجدر الإشارة الى أن زيارة وفد رسمي فرنسي للأرسيدي ليست الأولى من نوعها، حيث سبق وأن جرى تنسيق بين الحزب والإليزيه، وذلك بحكم العلاقات التي تربط الطرفين والقائمة على المصلحة المشبوهة، لأن باريس تجد في الأرسيدي المنفذ أو القناة التي توفر لها المعلومات والغطاء للتدخل في شؤون البلاد، فيما يعتبر الأرسيدي باريس سندا خارجيا له، يستقوي به على الدولة باعتباره حزبا معارضا.