سألني صحفي شاب عن رأيي في الجوانب السلبية في قانون الإعلام الحالي، والذي تتخوف منه الحكومة منذ سنوات ولم تفرج عنه، ولم تناقشه مع المعنيين بالمهنة. فقلت لهذا الشاب الصحفي إن إصلاح قانون الإعلام جزء لا يتجزأ من إصلاح حال البلاد.. وهي مسألة ما تزال بعيدة المنال.. فلا يمكن أن تنجز صحافة صالحة في بلد فاسد! ولا يمكن أن تنجز صحافة حرة في بلد غير حر.. وعندما يصلح حال السلطات الثلاث.. التنفيذية والتشريعية والقضائية.. يمكن أن نتحدث بجدية عن إصلاح الصحافة كسلطة رابعة.. أو هي سلطة السلط الآن في العديد من البلدان. تصوروا معي قانون إعلام يعيد النظر في مظاهر الفساد السائدة في المؤسسات الإعلامية من نصب على القراء إلى النصب والاحتيال على الضرائب والضمان الاجتماعي.. إلى النصب والاحتيال على المفسدين بملفات الفساد! تصوروا قانون إعلام يجرم صراحة الصحف التي تمارس "الشانطاج" للمفسدين بملفات الفساد! وقانون إعلام يجرم التجارة الإعلامية بمواد وأخبار الحوادث والإجرام.. والإرهاب! تصوروا قانون إعلام يجرم التضليل الإعلامي للصحفيين والصحف من طرف تجار المعلومات الإخبارية المتواجدين في هياكل ومؤسسات الدولة.. والذين يستخدمون المعلومات التي بين أيديهم في الصراعات السياسية، وغير السياسية التي تجتاح البلاد. تصوروا قانون إعلام يمكن مهمة الصحافة من أن تسير من طرف أهل المهنة الحقيقيين وليس البڤارة والدخلاء على المهنة وأساتذة الرداءة الإعلامية..! تصوروا قانون إعلام ينظم بدقة سوق الإشهار ويخرجه من دائرة الاستغلال السياسي وغير السياسي الذي تمارسه جهات في الدولة لمصالح خاصة مادية أو سياسية أو حتى جهوية! نحن على يقين أن قانونا كهذا سيقف ضده أشباه أهل المهنة الذين يسيطرون على هذا القطاع حاليا.. والذين يستخدمون الفساد بالفساد كوسيلة من وسائل فرض الوجود.. ويعتاشون بهذه المفاسد.. هذه المفاسد التي تمنع تطور الصحافة في بلادنا وترهن الحرية في بلد أصبحت فيه السياسة رهينة ثانية والشعب هو الرهينة الأولى لهذا الفساد الكاسح!