فرنسا طردت ثلاثين إماما دعوا إلى محاربة الغرب خلال ثماني سنوات أكد وزير الدفاع الفرنسي، ألان جوبي، عن وجود اتصالات بين فرنسا وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تتحفظ باريس عن الكشف عن تفاصيلها من أجل ضمان عدم فشلها، فيما تزداد مخاوف السلطات الفرنسية من احتمال تعرض البلاد إلى اعتداءات إرهابية مع اقتراب احتفالات رأس السنة والرسالة التهديدية التي وجهها بن لادن إلى باريس مؤخرا. وقال جوبي، أمس، في تصريح لإذاعة “أر تي أل”، أن بلاده على اتصال مع خاطفي الرهائن، وأضاف أن “الاتصالات قائمة ولكن أفضل وسيلة لإفشالها جعلها علنية”. وكانت فرنسا قد أعلنت صراحة عن جاهزيتها للتفاوض مع التنظيم الإرهابي من أجل تحرير رعاياها المختطفين منذ منتصف سبتمبر المنصرم لكنها تسعى لإبقاء هذه المفاوضات طي السرية “لحاجة في نفس يعقوب”، كما أنها لن تلجأ إلى الإعلان صراحة عن رضوخها إلى مطالب مجموعة من الإرهابيين ستضر بدول منطقة الساحل في المقام الأول، التي لن تفوت فرصة الحصول على تمويل جديد لتمديد نشاطها في المنطقة أو تحرير عناصرها المحتجزين لدى حكومات دول الساحل. وكان خبراء أمنيون قد توقعوا “مفاوضات طويلة وشاقة” بين الطرفين، وبالمقابل لم ترد الخارجية الفرنسية عن المعلومة المتعلقة بتلقيها تسجيل فيديو كدليل على حياة الرهائن، وهو الدليل الذي اشترطته باريس قبل فتح باب المفاوضات مع الخاطفين. من جهة أخرى، تفسر “لعبة” تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بتدويل هذه الحركة الإرهابية من خلال توجيه باريس إلى التفاوض مع زعيم القاعدة، أسامة بن لادن، من طرف المتابعين للملف الأمني في الساحل، على أنه تحول إيديولوجي جديد لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وقد لا يكون إلا مجرد لعبة بأهداف خفية أكبر بكثير من مجرد الحديث عن تحول إيديولوجي. وفي السياق ذاته، اعتبر المستشار الخاص لمنظمة الأبحاث الاستراتيجية، فرانسوا هيسبورغ، أنه رغم التحذيرات المتتالية التي تطلقها السلطات الفرنسية والترويج لتفاقم التهديد الإرهابي ضد فرنسا ومصالحها في الخارج، لا يوجد دليل على أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بإمكانه القيام بعمليات خارج منطقة الساحل، كونه لا يملك علاقات مباشرة مع فرنسا. ولكن أوساطا أمنية في فرنسا لا تخفي تخوفها من تنفيذ عمليات إرهابية في فرنسا مع اقتراب احتفالات رأس السنة بعد الرسالة التهديدية لبن لادن الأخيرة لباريس، حسبما نقلته مصادر إعلامية فرنسية أمس، وأضافت نقلا عن خبراء في مكافحة الإرهاب أن نجاح المحققين في إفشال مخططات إرهابية منذ 1996 لا يكفي من أجل مواجهة تهديد يزداد في الانتشار. واعتبر مصدر من وزارة الدفاع أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة، معبرا بالقول “لم نكن أبدا قلقين أكثر من هذه السنة لأن الأمر ليس مجرد خدعة أو سياسة”. وتدور المخاوف حول استهداف المحطات النووية والأنفاق أو ميترو باريس، وفي السياق قال فرانسوا هيسبورغ أنه بمعدل إفشال اعتداءين كل سنة سينتهي الأمر بنجاح أحدهما. وتحدث مصدر من الاستخبارات الفرنسية عن تنامي المخاوف من تمكن عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من الاتصال بمغاربة مقيمين في فرنسا وسيكون بذلك تهديد حقيقي، ولفت مصدر حكومي إلى أن المخاوف أيضا تنامت بعد توجه 20 فرنسيا مسلما إلى مراكز التدريب بباكستان وأفغانستان وخروجهم عن مراقبة الاستخبارات الفرنسية، وهو ما تعتبره ذات المصادر خطرا حقيقيا، وقال فرانسوا هيسبورغ أن هذه التجربة ضرورية لتحويلهم إلى “محاربين متصلبين”. من جهته، قال ألان شوات، رئيس مصلحة الأمن بالمديرية العامة للأمن الخارجي، إن “احتمال تحول واحد من عشرة آلاف مسلم إلى العنف سيشكل خزانا بالنظر إلى وجود خمسة ملايين مسلم في فرنسا”. وتدخل هذه التصريحات في مخططات ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين من طرف الغرب، وقال شوات إن فرنسا تمكنت من إفشال عدد من الاعتداءات بفضل الجهاز الأمني والتشريعي، مضيفا أن شبكة الاستخبارات التي تتبع الخلايا المتطرفة جهاز موحد أكثر من أجهزة الدول الأخرى، كما أنه يمتلك القدرة على اختراق المجموعات الأكثر خطورة. كما أن التشريعات الصارمة سهلت الأمر على السلطات الفرنسية التي طردت ثلاثين إماما دعوا إلى محاربة الغرب خلال ثماني سنوات.