يتواصل الجدل حول حقيقة انطلاق مفاوضات سرية بين السلطات الفرنسية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فالمسؤولون الفرنسيون الذين قالوا بالأمس إنهم لم يتمكنوا من الدخول في مفاوضات لتحرير ميشال جيرمانو، وأكدوا أن باريس تتفاوض مع الإرهابيين كلما كان ذلك ممكنا وأنهم مستاءون من “تصديق” الإعلام لتصريحات دروكدال على حسابهم. فقد فند أمس وزير الدفاع الفرنسي، هرفي موران، أن تكون بلاده قد أجرت مفاوضات مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من أجل تحرير الرهينة، ميشال جيرمانو، وقال في تصريح لإذاعة “فرانس انتير” إنه “لم تكن هناك مفاوضات... بل لم تبدأ حتى مفاوضات وفي الوقت نفسه كان أمامنا مهلة دون أن نملك تفاصيل المطالب”. ويحاول الساسة الفرنسيون إقناع أكثر من طرف “ببراءة” فرنسا من التفاوض مع الإرهابيين في قضية ميشال جيرمانو، التي انتهت بإعدامه في وقت يكون فيه احتمال دخول باريس في مفاوضات سرية مع تنظيم القاعدة وفشلها في التوصل إلى اتفاق الأقرب إلى الحقيقة، قد يكون الأمر متعلقا بمحاولة فرنسا تغطيتها ولو لجزء من الفشل الذي أغرقها في قضية الرهينة ميشال جيرمانو، فهي فاوضت وقامت بعملية عسكرية والنتيجة أنها لم تنجح في إنقاذ حياة جيرمانو واليوم تجني سخط الرأي العام الذي يهدد العهدة الجديدة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. كما عبر الوزير، هرفي موران، ضمنيا عن غضبه وسخطه من “تكذيب” الإعلام للرواية الفرنسية حول عدم تفاوضها مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وقال أمس في تصريحه للإذاعة الفرنسية “آمل أن تكون كلمتنا ذات قيمة أكبر من هؤلاء الناس المتوحشين”. وذلك في إشارة إلى التسجيل الصوتي الأخير لأمير تنظيم القاعدة الذي يؤكد فيه “أن الرئيس الفرنسي شن هجوما عسكريا جبانا في الوقت الذي كانت تجري فيه مفاوضات للإفراج عن جيرمانو”. فيما كان الساسة الفرنسيون يبررون العملية العسكرية في مالي بأنها شنت لأن الخاطفين لم يقدموا أي دليل على أن جيرمانو مازال حيا مع نفي دخولها في مفاوضات لتحريره. وكانت صحيفة “لونوفال أوبسرفاتور” قد نقلت، عن مسؤول في الدولة، أن باريس دخلت في مفاوضات مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكنها لم تتوصل إلى اتفاق، لأن شروط الإرهابيين لم تكن مقبولة بالنسبة للرئاسة الفرنسية، فقد طالب التنظيم بتحرير أميرين من الجماعة الإسلامية المسلحة “الجيا” بوعلام بن سعيد وإسماعيل آيت بلقاسم، اللذين حكم عليهما بالسجن المؤبد في أكتوبر 2002 في قضية تفجيرات باريس في 1995 و1996. وتأتي تصريحات وزير الدفاع الفرنسي بعد أيام على “اعتراف” وزارة الخارجية الفرنسية ببذل جهود من أجل حوار مع الخاطفين الذين لم يقدموا تفاصيل عن هوية المعتقلين الذين يريدون أن يتم الإفراج عنهم أو مكان احتجازهم، لكن نفي فرنسا دخولها في مفاوضات مع الإرهابيين يعني فشلها في ذلك ولا يعني معارضتها للمبدإ لأنها تفاوضت من أجل “استرجاع بيار كامات الذي قال عنه برنار باجولي، مدير مكتب التنسيق الوطني للاستعلامات بالرئاسة الفرنسية، إنه أحد أبرز العملاء الذين أرسلتهم مصالح الاستخبارات الفرنسية في مهمة التجسس ومراقبة التنظيمات الإرهابية بالساحل، كما أنها لا تخفي قرارها بالإبقاء على خيار التفاوض مع الإرهابيين كلما كانت الفرصة سانحة وهو ما تفعله اليوم لتحرير رهائنها في أفغانستان.