أكد بعض الخبراء أن التخفيضات الجبائية التي أقرتها الحكومة لمواجهة ارتفاع أسعار السكر والزيت، والمتمثلة في تعليق الحقوق الجمركية والرسوم الضريبية المقدرة ب41 بالمائة، تعتبر ردا على وضع استثنائي، مؤكدين ضرورة معالجة المشاكل الحقيقية بصفة جذرية، وذلك بالبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ارتفاع هذه المواد الأساسية واسعة الاستهلاك. وفي هذا الصدد أوضح مدير معهد تنمية الموارد البشرية بوهران، محمد بهلول، عشية أول أمس، أن ذلك يعكس تصورا جديدا يتمثل في تحمل الدولة لكلفة الإختلالات في أسعار المواد الغذائية على مستوى الأسواق الدولية عوض انعكاسها مباشرة على المواطنين، مضيفا أن الحكومة قد تدخلت في إطار دورها كمنظم للسوق. كما أقر بهلول أن السوق، وبسبب المضاربة، من المحتمل أن يأخذ بعض الوقت لكي يستجيب، معتبرا أن الهيئات العمومية الخاصة بالمراقبة والتنظيم لها دور هام تلعبه من أجل السهر على التطبيق التام للإجراءات الجديدة، مؤكدا أن هذه الإجراءات تظل غير كافية لأنها تستجيب لظرف خاص، فيما كان ينبغي معالجة جوهر المشكل والعمل على تثمين الإمكانيات الفلاحية للبلاد، لاسيما الفروع الإستراتيجية.. مثل الحبوب والحليب. من جهته، أفاد المختص في علم الاقتصاد وأستاذ بجامعة منتوري بقسنطينة، عزالدين بن تركي، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تتوافق مع دورها كضابط للسوق، مشيرا إلى أنه كان من المفروض أن تتخذ في إطار نفس المنطق منذ ظهور التوترات الأولى التي ظهرت على الأسواق العالمية للمنتجات الفلاحية الأساسية نهاية2007، وأضاف أن إجراءات مرافقة أخرى من المفروض أن تضاف لهذه السلسلة من القرارات وتتعلق بتشجيع وترقية المنتجات الحساسة مثل الحبوب والحليب، والمواد التي تدخل في تركيب الزيوت من خلال تحفيزات جبائية. كما أبرز الدور الذي لا يمكن تعويضه للدولة التي يجب أن تسهر على حرية لجوء المستوردين للسوق العالمية بهدف الاستفادة من انخفاض الأسعار، وتجسيده في السوق المحلية، مع ضمان الوقاية من أخطار وضعيات الإحتكارات المحلية. مسؤولو منظمات أرباب العمل يحيون الإجراءات الجديدة من جهة أخرى، حيا رئيس منتدى المؤسسات، رضا حمياني، الإجراءات التي أقرتها الدولة والرامية إلى الحد من ارتفاع أسعار السكر والزيت ووصفها بالصائبة. ودعا الحكومة إلى الشروع بالتشاور مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين في التفكير في حلول ملموسة طويلة الأمد للوضعية السائدة حاليا على مستوى قطاع التجارة. وفي هذا الإطار وصف منتدى رؤساء المؤسسات أن الإجراءات التي تم إقرارها ب”الصائبة”، كما أعرب حمياني عن أسفه لمشاهد السلب والنهب والتخريب التي طالت الأملاك الحكومية والخاصة التي ميزت الحركة الإحتجاجية، معتبرا أن أسباب هذه المظاهرات تعد عميقة. من جهته عبّر رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، مهني عبد العزيز، عن ارتياحه للإجراءات التي أقرتها الحكومة، داعيا الى الإنشاء القريب لآليات تنظيمية ونصوص تطبيقية للإجراءات المقررة. متعاملون يؤكدون على أهمية تطبيق إجراءات الحكومة في نفس الإطار، أكد الرئيس المدير العام لشركة إنتاج المواد الدسمة، بروليبوس، شريف بريش، أن الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة مرضية وتتطابق مع الاقتراحات التي تقدم بها المصنعون في إطار جمعية شعبة من المواد التي تدخل في إنتاج المواد الدسمة بالجزائر، مؤكدا أن الجزائر تعيد الاعتبار من خلال هذه الإجراءات لمقاربة اقتصادية تتبناها معظم الدول عندما يتعلق الأمر بعدم رفع نسبة الضرائب على المنتجات الغذائية الأساسية في ما أن الاتجاه في الأسواق الدولية يسير نحو الارتفاع منذ سنوات. وأوضح نفس المسؤول أن انعكاسات هذه الإجراءات على أسعار الاستهلاك ستكون بطريقة آلية، خاصة أن المنتجين قد اطمأنوا بشأن الرسوم المدفوعة سابقا”.