كتابان للشاعر الفلسطيني الراحل البرغوثي صدر، حديثا عن دار ميم للنشر، كتابان جديدان، للدكتور الكاتب الفلسطيني الراحل حسين جميل البرغوثي. الإصداران يندرجان ضمن أدب السيرة، إذ يسرد المؤلف في طابع تمتزج فيه حميمية الذكريات وألم المرض والاغتراب عبر جماليات الروح التي تتكشف شاعريتها العالية بين ثنايا الصفحات. ينقلنا حسين البرغوثي إلى مراحل حياته ولحظات مكابدته للسرطان الذي لم يمكنه من إكمال مشروعه الكتابي وقطف زهرة روحه في أوج العطاء. وعبر كتابه الموسوم ب”الضوء الأزرق”، الذي يقع في 205 صفحة من القطع المتوسط، تقدمته كلمة للشاعر الكبير محمود درويش الذي يقول فيها:”هذا الكاتب الاستثنائي ليس معروفا على نطاق واسع، لقد كان حسين البرغوثي ظاهرة ثقافية متعددة النشاط، حيث كتب الشعر والمسرحية والرواية والنقد والأغنية والسيرة الذاتية، كما كان مهووسا بالحوار والجدل والخروج عن التقاليد، لذلك فقد كان مشغولا دائما بتحريض العقل على التفكير المختلف، ولكن الجديد في موضوع هذا النص هو خروجه عن ”الموضوع الجاهز”، أو عما يُتوقّع من الفلسطيني أن يكتب في زمن المحنة الدراماتيكي، لذلك يمكننا أن نعتبر هذا الكتاب فريد من نوعه في الكتابة العربية، وأجمل انجازات النثر في الأدب الفلسطيني”. إن هذا الكتاب يعتبر رحلة أدبية قيمة تأخذ بتلابيب القارئ في أسلوب روائي مميز ومختلف، وبروح تتجلى صوفيتها النقية، ينتقل الكاتب برشاقة وأناقة بين الفصول الثلاثة المتصلة وهو يمنح القارئ متعة كبيرة محملة بمعرفة جديدة. أما الإصدار الثاني الموسوم ب”سأكون في اللوز”، فهو سيرة ذاتية غير مكتملة ، تخطّف الموت اكتمالها مخلفا هذا الكتاب الموجع جماله، رؤى فلسفية ووقفات صوفية وتأمل و تكشّف ووعي، تتجمع في نص ساحر محملا بمرجعيات ميتولوجية حينا وتراثية حينا آخر، بين التخييل والواقع تغلب اللمسة الشاعرية الفذة. هذا الكتاب يحمل أكثر من سيرة حياة رجل متفرد في صدقه وموهبته ومعرفته مخترقا حدود الزمان. فبين وهن الجسد وسلطة المرض، ظلت سلطة الكلمة الروح - المعرفة - ترفرف كل محطات الكتاب، مسيطرة على انتباه القارئ على مدى 120 صفحة. وجاء في ظهر الكتاب الفقرة التالية المنتقاة من النص..”قيل إن القصب سرا الهيا، كان الله سبحانه قد أودعه في صدر النبي محمد، ولم يستطع النبي تحمله فباح به إلى علي بن أبي طالب، وأمره ألا يبوح به لأحد ولم يستطع علي تحمله، أيضا، فذهب إلى واد عميق وبعيد وباح به لقصب ذلك الوادي. من يومها وكل ناي من القصب تصدر عنه نغمة هي سر إلهي ممنوع لفظه بالكلام. وحزن الناي، كما يقول مولانا جلال الدين الرومي، حنين الخشب أو القصب الذي صنع منه إلى غاباته الأولى التي قطع منها، إلى ”أصله”، أو”واديه الأول””.