قدم مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني أرقاما عن حجم المبادلات التجارية والاستثمارات التي يقيمها هذا البلد في الوطن العربي، وعبّر عن قلقه من الأوضاع التي آل إليها الشارع في كل من مصر وتونس، وبلدان عربية أخرى يتعامل معها مستبعدا إقصاء هذه الدول من حساباته الاقتصادية، ومؤكدا على سلامة مشاريع الشركات الألمانية، مقدّرا تفهمه لخطوة مصر بإقدامها على غلق البورصة والبنوك أمس. رتّب المكتب الألماني تعاملاته مع الدول العربية، وأحصى زبائنه المستوردين لمختلف البضائع من الآلات والعتاد الثقيل، إلى السيارات والطرازات المتنوعة، وكذا الطاقات المتجددة، واهتم بالأشغال العمومية والبناء في الجزائر، حيث تتواجد ألمانيا عبر 200 موقع استثماري، أغلبها خارج المحروقات، وتستعد لتنشيط قطاع الطاقات المتجددة، خصوصا بعد موافقة رئيس الجمهورية، عبدالعزيز بوتفليقة، على مشروع “ديزارتك” الألماني - الأوروبي، المنتظر تجسيده بصحاري المغرب العربي وشمال إفريقيا. وتعتبر المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الجزائر أهم شريك استراتيجي لألمانيا، وهي الآن تحتل المركز الثالث من حيث الاستثمارات بالجزائر، وتسعى إلى إثبات حضورها في مختلف القطاعات. ومن ناحية المبادلات، فإن ألمانيا تستورد من الجزائر النفط والغاز، وتصدر لها الآلات والسيارات وبعض السلع والخدمات، ويبلغ حجم التبادل البيني نحو 3 مليار دولار، مسجلا نموا فاق 30 بالمائة، مقارنة بسنة 2009. وبالرغم من تحسن العلاقات وتوطدها بين البلدين، إلا أن الجزائر، حسب إحصائيات المكتب المذكور، تأتي في المركز 49 في قائمة زبائن ألمانيا، تسبقها على المستوى العربي كل من الإمارات العربية، التي تحتل المركز 29 ومصر 43، فيما تحتل المغرب المرتبة 54 وتونس 54، وإيران 38، بتسجيل تحسن سنوي متنامي، بالنظر إلى توجهات هذا البلد صناعيا واستراتيجيا. وتُعد ألمانيا إلى جانب فرنسا، البلدان الوحيدان، اللذان يمتلكان غرفا تجارية مشتركة مع الجزائر، ما يؤكد نيتهما في إقامة مشاريع تنموية تخدم مصالح الطرفين. وبالرغم من أقدمية وتاريخية التعاملات الجزائرية - الفرنسية، إلا أنها لم تنجب بعد مشاريع صناعية كبرى تتماشى مع سياسة توطين الانتاج، ولاتزال تؤشر المبادلات على الحجم التجاري، عدا ملف “رونو” الذي يبقى بين الأخذ والرد، في حين أكدت ألمانيا حضورها بقوة في قطاعي الأشغال العمومية وخدمات الهندسة المدنية، وهي تُمهد لأضخم مشروع للطاقات المتجددة على الصعيد الإفريقي وربما العالمي، كما تسعى لإقامة مصنع سيارات “مرسيدس”، بتصنيع 10 آلاف سيارة سنويا بمنطقة بوشقيف بتيارت، بالشراكة مع مجمع “آيمار” الإماراتي. للإشارة فإن ألمانيا تتصدر الدول الأوروبية من الناحية الاقتصادية، وتتبع سياسة تنموية واسعة الانتشار، ما زادها نجاحا في مختلف القطاعات، لاسيما أنها تضم الجودة والنوعية في مختلف العلامات، وبالرغم من امتعاضها لما يحدث في بعض الأقطار العربية، على غرار كل من مصر وتونس، وتأجج التصعيدات الاجتماعية، إلا أن مكتب الإحصاء الألماني استبعد فكرة إقصاء هذه الدول من حسابات الشركات الألمانية، وأكد على استمرارية وتيرة الاستثمارات كما هي عليه سابقا، نافيا في ذات الوقت تعرض هذه الشركات للمضايقات، معبرا عن تفهمه لإقدام مصر على غلق البنوك والبورصة أمس، تخوفا من طوارئ مالية وتهريب العملة إلى الخارج.