نجحت مصالح الأمن المشتركة، وبدرجة أكثر، جهاز الشرطة في إجهاض المسيرة غير المرخصة التي دعت إليها أمس، ما يعرف بالتنسيقية من أجل الديمقراطية والتغيير، ما حال دون سير المتظاهرين نحو مقر المجلس الشعبي الوطني، وتمكن عناصر الأمن من وضع حدا لانزلاقات ومناوشات كادت أن تحدث بين المتظاهرين وأنصار الرئيس بوتفليقة عرفت العاصمة منذ الساعات الأولى لنهار أمس، تعزيزات أمنية غير مسبوقة، لاسيما بالمناطق الحساسة، وكانت أكثر الأماكن التي شهدت سياجا أمنيا، ساحة أول ماي، باعتبارها نقطة انطلاق المسيرة غير المرخصة التي كان ينوي الداعون إليها التوجه نحو ساحة الشهداء مرورا بالمجلس الشعبي الوطني، والمطالبة بحله والتنديد بهشاشة أدائه، حسب العبارات التي رفعها أنصار تنسيقية التغيير والديمقراطية. وقد تركز التواجد الأمني على ساحة أول ماي بنسبة تفوق 80 بالمائة من إجمالي الإمكانيات المادية والبشرية المسخرة لتأمين المسيرة، والذي يترجمه تواجد العشرات من عربات وشاحنات الشرطة، إلى جانب تجنيد أكثر من 340 عنصرا ما بين ضابط وعون من الحماية المدنية، حسب تصريحات مدير الحماية بولاية الجزائر ل”الفجر”. واستنجدت المديرية العامة للأمن الوطني، ولأول مرة بالعنصر النسوي في المظاهرات، وهي العناصر التي أوكلت إليها مهمة تفتيش وتوقيف النساء المتظاهرات، فيما عكف على التأطير الأمني للمسيرة كبار مسؤولي وضباط المؤسسات الأمنية الذين كانوا يتوافدون على المكان بين الحين والآخر، منهم مدير الأمن العمومي بالمديرية العامة للأمن الوطني والعقيد طايبي، قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني بالعاصمة، بالإضافة إلى المدير العام للحماية المدنية، العقيد مطصفى لهبيري، حسب ما رصدته “الفجر” بعين المكان. وتمكنت الخطة الأمنية التي ارتكزت على 3 سدود أمنية سيجت محيط أول ماي، من التحكم في المتظاهرين والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين والممتلكات، منذ الدقائق الأولى من انطلاق تجمع المتظاهرين الذي تصاعد مباشرة بعد وصول الحقوقي، علي يحيى عبد النور، في حدود الساعة التاسعة ونصف، تلاها الدكتور سعيد سعدي، المحاط بحماية أمنية خاصة من الحرس الشخصي، والذي لم يتمكن من تعبئة مناضليه بتصريحاته ودعواته باختراق الحاجز الأمني، وهي المحاولات التي قابلتها عناصر الأمن بتوقيفات تحفظية فردية لم تتعد العشرين، حسب ما أدلى به إطار أمني بعين المكان للممثلي وسائل الإعلام، حيث سرعان ما أطلق سراحهم بعد دقائق معدودات. وكما كان منتظرا، نجحت العناصر الأمنية في وضع حد لنشاط العديد من اللصوص الذين حاولوا استغلال الفرصة، وهو ما وقفت عليه “الفجر” لدى قيام لص بخطف هاتف نقال لمتظاهرة أما نافورة المياه بساحة أول ماي، وقد ساهم هذا التحكم الأمني في عودة الحركة التجارية والمرورية بعد ساعة من انطلاق المسيرة، حيث فتحت أغلب المحلات التجارية، وعادت سيارات الأجرة ووسائل النقل لنشاطها العادي. حواجز أمنية تمنع انزلاقات بين أنصار سعدي وأنصار الرئيس ولم يكن الحضور بساحة أول ماي مقتصرا على المتظاهرين من أنصار التنسيقية الوطنية من أجل الديمقراطية والتغيير، بل وصلت في حدود الساعة العاشرة والنصف إلى ساحة أول ماي، وفود شبانية تهتف بحياة الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، وإنجازاته، رافعين شعارات “بوتفليقة ليس مبارك”، “بوتفليقة رجل السلم”... إلخ من الشعارات، وهو مشهد سرعان ما انضم إليه شباب حي “الأفواج”، الذين شرعوا في استفزاز رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، واصفين إياه بالمجند من قبل باريس وواشنطن لتحطيم الجزائر، وتساءل هؤلاء حسب ما رصدته “الفجر” عن ثروة سعيد سعدي، وعن مقر إقامة ودراسة أبنائه، وأين كان هو وأنصاره يوم كانت العاصمة تعاني إرهابا ومجازر يومية، الأمر الذي كاد أن يحدث صدامات عنيفة وانزلاقات بين أنصار سعدي وهؤلاء الشباب، لولا مسارعة مصالح الأمن بطابور أمني للفصل بين الطرفين، ليغادر سعدي ساحة أول ماي، رفقة علي يحيى عبد النور.