تحولت، أمس، المسيرة غير المرخصة التي دعت إليها التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية، إلى تجمع بساحة أول ماي بالعاصمة، بعد أن فرضت قوات الأمن طوقا على المنافذ والشوارع الرئيسية لمنع المتظاهرين من السير، وقد حضرت بالساحة وجوه سياسية من تيارات مختلفة، فيما تم اعتقال بعض المتظاهرين في الساعات الأولى ليتم إطلاق سراحهم من بعد. شهدت ساحة أول ماي بالعاصمة، أمس، حركة غير عادية، حيث بدأ منذ الصباح الباكر بعض المواطنين الذين استجابوا لنداء التنسيقية الوطنية من أجل التغيير القاضية بتنظيم مسيرة، بالتجمهر في ساحة الوئام، مما دفع قوات مكافحة الشغب، إلى تفريق المتظاهرين الذين تشكلوا في أفواج، مرددين شعارات تطالب بحرية التعبير وإجراء إصلاحات سياسية ومكافحة الفساد، وفتح المجال أمام ديمقراطية حقيقية وتعالت الهتافات مع وصول رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي الذي كان محاطا بنوابه في البرلمان منهم نور الدين آيت حمودة، كما حاول الرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان علي يحيى عبد النور السير، إلا أن مصالح الأمن منعته كما فعلت أيضا مع المحامي مصطفى بوشاشي، ونفس الشيء مع محاولات الطاهر بن بعيبش وعبد القادر مرباح، وبن بيتور، ومناضلين من جمعية »المفقودين« وضحايا »الخليفة«. وشهد التجمع حضور بعض ممثلي التيارات السياسية، حيث شارك قياديون ونواب عن حركة الإصلاح الوطني جناح عبد الله جاب الله، وقيادات عن حركة الدعوة والتغيير، في حين حاول علي بن حاج الذي أفرج عنه أول أمس، والتحق بساحة أول ماي السير رفقة مجموعة كانت تحيط به وتردد شعارات الحزب المحل في تسعينيات القرن الماضي، إلا أنها قوبلت بالرفض من قبل المتظاهرين الذين طالبوا من بن حاج بمغادرة مكان تظاهرهم، وهو نفس الموقف الذي تعرض له بلعيد عبريكا. وقد أدى التدخل الصارم لقوات مكافحة الشغب في حصارها لمحاولات المتظاهرين السير، الضغط على الصحفيين وتقييد مجال تحركهم. وسجلنا حضور بعض المراهقين المناوئين للمسيرة محاولين اختراق جموع المتظاهرين مرددين هتافات وشعارات تثمن الوضع القائم وتندد بالمسيرات كأسلوب للاحتجاج، وتدخلت قوات الأمن للحيلولة دون حدوث احتكاكات بين الفريقين، إلا أن صوت المفرقعات دوى المكان وزاد من مظاهر الارتباك. وكانت السلطات العمومية التي أعلنت منعها الترخيص للمسيرة، قد سخرت تعزيزات أمنية مشددة، إذ فاق عدد قوات مكافحة الشغب والشرطة 20 ألف عنصر تمركزوا في الشوارع الرئيسية والمنافذ المؤدية إلى ساحة الوئام، وتم الحد من حركة مرور المركبات الوافدة إلى العاصمة من الولايات المجاورة، حيث تحدث بعض النشطاء عن منع العشرات من المواطنين القادمين من تيبازة والبليدة وبومرداس من الوصول إلى العاصمة، هذا في الوقت الذي عرفت فيه حركة النقل لقطارات الضواحي تذبذبا. وإذا كانت هذه الإجراءات تعتبر عادية في سياق قرار منع المسيرة من جهة، وتحسبا لأي انزلاق للوضع، إلا أن المعاينة الميدانية، أثبتت أن قوات الأمن تعاملت مع المتظاهرين بنوع من الرزانة وتحاشت الاصطدام مع المتظاهرين الذين رفعوا شعارات مهينة لرموز السلطة أحيانا واتسامها بالراديكالية أحيانا أخرى، فلم نلاحظ أي تدخل باستعمال القوة من قبل مصالح الأمن، ومجمل الإصابات التي وقعت وعددها لا يتعدى العشر حالات كانت نتاج تدافع المتظاهرين.