شكل الترحيب والتثمين بالإعلان الرسمي عن رفع حالة الطوارئ التي استمرت 19 سنة، القاسم المشترك بين أغلبية الأطياف السياسية في البلاد، من أحزاب معارضة وتحالف رئاسي، فيما تحفظت بعض الشخصيات السياسية عن القرار وشككت فيه، كرئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، وموسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية أبدى عبد الله جاب الله، تفاؤله بقرار رفع حالة الطوارئ، وقال في اتصال مع “الفجر”، إن الإجراء يعتبر خطوة إيجابية وثمينة في الحياة السياسية الوطنية، ودعا إلى إرفاق القرار بسلسلة من الإجراءات على المستوى السياسي، الاقتصادي، التربوي والإعلامي لإقرار الديمقراطية، وقدم أمثلة اعتبرها المؤشر الحقيقي لقياس نوايا السلطات في الإصلاحات، كفتح المجال السياسي عن طريق مراجعة جوهرية لقانون الانتخابات و”تمكين الجميع من ممارسة حقه دون تمييز أو إقصاء أو حواجز، وأن تقوم الإدارة برفع يدها عن الأحزاب والمنظمات والجمعيات”، مشيرا إلى أن نفس الانفتاح يجب أن يحظى به الحقل الإعلامي، الذي “لايزال حكرا على البعض، واحترام اختيار المواطن من خلال تمكين صوته من الوصول إلى منتخبيه”. غزالي: رفع حالة الطوارئ مراوغة سياسية وحدوث 5 أكتوبر آخر غير مستبعد اعتبر رئيس الحكومة الأسبق، سيد أحمد غزالي، الإعلان عن رفع حالة الطوارئ “لا حدث”، ووصفها ب” المراوغة السياسية، ومناورة جديدة تعبر بجلاء عن تحايل السلطة بقوانين الجمهورية، في محاولة مفضوحة لتفادي انفجار اجتماعي أكيد، وأتوقع حدوثه بأكثر حدة من ثورة 5 أكتوبر 1988”. وأضاف سيد أحمد غزالي، أن السلطة تواصل خرقها للقانون منذ سنة 1989 بشكل يومي ومستمر، مشيرا إلى أن المشكلة ليست في رفع حالة الطوارئ، بل خلق جو يسمح بالاهتمام الفعلي لحل مشاكل المواطنين والاستجابة لمشاكلهم المتراكمة، وقال إن الحل الوحيد هو الذهاب نحو “تغيير جذري للنظام السياسي، لأنه غير صالح ولا يمكن الاستمرار على هذه الحالة لسنوات أخرى”. وخلص للقول بأنه رغم الإعلان عن ذلك الإجراء فإن “ لا شيء سيحدث على أرض الواقع”، لأن القانون الأساسي للجمهورية “أي الدستور”، انتهك أكثر من مرة سنة 2003، على خلفية أحداث منطقة القبائل ودسترة اللغة الامازيغية، لكن “لا شيء بعدها حصل، وكانت تلك الدسترة مراوغة”، وتكرر نفس الشيء خلال الرئاسيات الماضية، عندما “ تم تغيير القانون الأساسي للجمهورية في ظرف قياسي، وتم تنفيذ كل ما خطط له”، وقال إن “كل تلك الأمور تؤكد أن رفع حالة الطوارئ لن تغير البتة في الأمور ما لم يكن هناك تغيير في النظام”. طابو: قرار جيد، نتمنى أن لا يكون مجرد واجهة مزيفة للديمقراطية أكد السكرتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، كريم طابو، أمس، على أمواج القناة الإذاعية الثالثة، أن “رفع حالة الطوارئ خطوة مهمة وإيجابية، ولا يمكن لأي كان نكرانها”. وقال كريم طابو إن حالة الطوارئ التي ظلت جاثمة على صدور الجزائريين طيلة 19 سنة، ساهمت بشكل كبير في الانتقاص من ممارسة الحقوق والحريات والتعبير عن الآراء والأفكار بكل حرية، وظلت حاجزا منيعا يحول دون ممارسة الديمقراطية التي مازالت منقوصة جدا في البلاد، مبديا تخوفه الشديد من أن يكون قرار رفع حالة الطوارئ مجرد خدعة سياسية ووسيلة تستخدمها السلطة من أجل تسويق صورة الديمقراطية المزيفة، وتكريس سياسة “الهف” والتغليط، وأضاف أن “المستقبل سيكشف عن ذلك“. تواتي يشكك في نية السلطات ويدعوها إلى المزيد من التفتح من جهته، شكك رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، في النوايا الحقيقة للسلطة من وراء رفع حالة الطوارئ، التي خلفت وراءها العديد من النقاط السلبية، وقال في اتصال مع “الفجر”، إنه من خلال بيان مجلس الوزراء “استكشف أن هناك نوعا من التلاعب وعدم الوضوح في الرؤية بشأن قرار رفع حالة الطوارئ”، خاصة فيما اتصل بالجهة الموكلة التي تقوم برفع حالة الطوارئ، مضيفا أنه فهم من القراءة الأولى أن وزارة الدفاع هي الوصية الأولى على حالة الرفع. وأشار موسى تواتي إلى أن العديد من النقاط بحاجة لتوضيح، وقال إنه إذا تبين أن قرار رفع حالة الطوارئ لم تتبعه إجراءات حقيقية وتعطي نتائجها على الواقع، سيصنف “ضمن النقاط الترقيعية التي سبق وأن أصدرتها السلطات في مثل هذه الحالات”، وأضاف أن ذلك يعني استبعاد وجود حلول ناجعة للوضع في الوقت الراهن، ودعا السلطات إلى المزيد من التفتح والتفهم وتكريس الحقوق والحريات، خاصة و”أن ضريبة الإرهاب كانت كبيرة جدا على مستوى عدة مجالات: البشرية، الاقتصادية، السياسية وحتى الدولية”. النهضة : القرار مجرد مسكّن وليس حلا جذريا وفي ذات السياق، اعتبرت حركة النهضة، في بيان لها، أن رفع حالة الطوارئ “مجرد مسكنات لا ترقى إلى حلول شاملة أو جذرية التي يتطلع إليها الشعب”، والتي من شأنها رفع حالة الاحتقان التي تسود المجتمع، واستدلت الحركة بتجاهل مجلس الوزراء بمطلب الشعب في الإصلاح السياسي و”إقالة الحكومة التي فشلت على كل المستويات”، وأكدت على ضرورة فتح حوار جدي مع الطبقة السياسية ومكونات المجتمع لبلورة رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية تعالج الوضع بصفة شاملة.