بعد 40 سنة من حكم ليبيا انتهى العقيد القذافي ببلده إلى كارثة وطنية لم يعرفها بلد عربي من قبل! فالرجل بدد ثروة بلاده البترولية الهائلة في بناء نظام غير سياسي بالمرة في بلده.. نظام تقوده جمعيات خيرية هي أهم من مؤسسات الدولة.. ومنها جمعية ابنه سيف الإسلام التي اشترت ود الغرب بأموال طائلة! وانتهى الأمر إلى أن الجيش الليبي بقيادة أبناء القذافي وفر لنفسه أهدافا حية من أبناء شعبه المحتجين يتدرب في إطلاق النار عليهم.. بالطائرات والصواريخ والدبابات.. وتحول جيش ليبيا من جيش يحمي الوطن من العدوان الخارجي إلى جيش يحمي أبناء القذافي من الشعب الليبي! والكارثة الكبرى أن القذافي وأبناءه حولوا الجيش الليبي إلى أهداف سهلة للقوات الغربية (الحلف الأطلسي) تتدرب فيه كأهداف حية بما يشبه التمرين العسكري الذي تجريه الجيوش! هل كان من الأنسب للقذافي أن يصل بالجيش الليبي والشعب الليبي لأن يتحول إلى مجرد أهداف سهلة لتمرين عسكري جيد تقوم به القوات الأطلسية وتعتبر التمرين العسكري الذي ينبغي أن تشارك فيه لإعادة الاعتبار لقوات التحالف الأطلسي التي أصابها الوهن في بلاد العراق وأفغانستان؟! هل كان القذافي محتاجا لأن يصل ببلده إلى هذا الوضع الذي وصل إليه.. بحيث يقصف من طرف القوات الغازية والعالم كله لا يستنكر هذا (العدوان) بمن فيهم أبناء ليبيا؟! لماذا يا عقيد لم تنسحب إلى سرت أو سبها مثلما انسحب مبارك إلى شرم الشيخ وترك الجيش الليبي ينظم انتخابات حرة ونزيهة مثلما حدث في مصر ويحدث في تونس؟! وتنهي أيها القائد (الذي لم يخض حرباً أبداً) مشوارك السياسي وسط شعبك بصورة جميلة مثل التي نشاهدها الآن في شوارع القاهرة بالانتخابات الدستورية المصرية التي أصبحت فعلا الشمعة المضيئة في الليل العربي الحالك الظلمة بالمظالم؟! تسليح الشعب الليبي للدفاع عن نفسه ضد الغزاة كان من الممكن أن يحدث بالفعل كما تقول يا عقيد لو لم تفتح النار على هذا الشعب بالطائرات والدبابات والصواريخ قبل أن يهاجم الغرب ليبيا بالبوارج والطائرات.. وأن يأتي هذا الهجوم بطلب من الشعب الليبي نفسه أو حتى جزء من الشعب الليبي.. وأن يأتي الغرب لحماية شعب ليبيا من طائراتك وصواريخك ودباباتك! من المؤسف أن يتسلح الشعب الليبي بالطائرات والصواريخ والدبابات على حساب تنميته ثم فجأة يجد نفسه بقصف بهذا السلاح الذي اشتراه من حر ماله.. ويضطر إلى طلب جيوش الغرب لحمايته من سلاح بلده؟! هذه وحدها جريمة أخلاقية تتجاوز جرائم الصراع حول السلطة؟! وماذا تفعل يا عقيد بسلطة تقام على أشلاء شعبك أو حتى تقام على أجزاء من أشلاء شعبك؟! في وضع كهذا بطن الأرض أرحم للمرء من ظهرها؟!