قال المرحوم بومدين: "لا تكونوا حيث تكون فرنسا فستجدون أنفسكم منسجمين مع الموقف الجزائري الوطني الصحيح"! لهذا كان موقف الجزائر من التدخل الأجنبي في ليبيا عبر الجامعة العربية موقفا صحيحا.. لأن فرنسا تقود هذا التدخل وليس صحيحا كما يقول بعض المعتوهين في السياسة والإعلام وحقوق الإنسان أن من يعارض التدخل الأجنبي في ليبيا هو بالضرورة يدعم السفاح القذافي في قتل شعبه بالدبابات والطائرات! كل الذين عارضوا التدخل الأجنبي في ليبيا هم عقلاء.. لأن الخلاف السياسي الناشب في ليبيا هو خلاف ليبي ليبي.. فيه الحق كل الحق للشعب الليبي وليس للقذافي. لكن هذا لا يعطي الحق للشعب الليبي أن يطلب من الأجانب احتلال بلده لتخليصه من (زعيم) ظالم! ولكي أقرب لكم الصورة أكثر أقول: إن الخلاف الليبي حول السلطة كان من الأفضل أن يعالج على الطريقة المصرية أو الطريقة التونسية.. وأن يبقى الصراع على السلطة داخليا حتى ولو كان دمويا.. يبقى صراعا بين الليبيين يحسم لصالح الشعب الليبي بمساعدة الشعب في انتزاع حقوقه المشروعة من النظام الظالم بالصراع والكفاح الداخلي وليس بالاستعانة بالأجنبي! لقد رأينا كيف دمر العراق ومات منه أكثر من مليوني مواطن وأصبح بلدا محتلا لا يقوى حتى على عقد قمة عربية فوق أرضه.. وقد كان هو الذي هو في الزعامة العربية داخل المنظومة العربية.. وقد لاحظنا أيضا كيف فقد الصومال الشقيق مظاهر الدولة مدة ربع قرن ولم يعد إليها إلى اليوم. العقلاء يرفضون التدخل في البحرين حتى ولو كان من الجيران.. ويرفضون التدخل أيضا في اليمن.. ويجب أن يبقى الخلاف اليمني مسألة داخلية.. يمكن أن يمارس فيها العرب والأجانب الضغط للإسراع بحلها لكن ليس بالتدخل العسكري! أي أن مشاكل ليبيا واليمن والبحرين ينبغي أن تحل على الطريقة المصرية والتونسية لا على الطريقة العراقية والصومالية؟! وفي أسوإ الحالات أن تحل على الطريقة الجزائرية! نعم لقد تقاتل الجزائريون 20 سنة ومات أكثر من 200 ألف مواطن جزائري وحرقت 20 مليار دولار.. لكن المسألة ظلت جزائرية بحتة ولم يتدخل الأجنبي عسكريا.. وماذا لو حدث في أزمة الجزائر ما حدث في العراق؟! نحن في الجزائر نفتخر بأن بلدنا رغم ما حدث فيه من أهوال حافظ على استقلاله ولم تطأ أرضه رجل عسكري أجنبي واحد! لهذا فإنني عندما رفضت مع حكومة بلدي أن يحدث في ليبيا ما حدث في العراق والصومال كان ذلك من منطلق وطني أولا.. ومن منطلق الموقف المطلوب من أحداث تجري في بلد جار وشقيق يمثل عمق الجزائر الأمني.. لا نريد أن تكون قوات أجنبية على حدودنا الشرقية.. ولا نريد للأشقاء في ليبيا أن يتنافسوا على من يكون أكثر عمالة للخارج؟! هذا هو الموقف الذي اختارته الجزائر وهو موقف وطني ومبدئي لا يمكن أن يزايد عليه المعتوهون الذين يدّعون حب الشعب الليبي بالدعوة إلى احتلاله بدل العقيد الظالم؟!