حاول الكاتب رشيد ڤوڤام، في كتابه “التفكير الفلسفي لدى فخر الدين الرازي”، لفت الانتباه إلى الدمج الذي اعتمده الإمام الرازي بين الفلسفة وعلم الكلام، وهو ما كان الغاية منه، حسب رأيه، في إيصال العقل إلى أقصى حدوده. وبناء على هذه الرؤية التي ضمنها الكاتب في الجزء الأول من كتابه الصادر عن ديوان المطبوعات الجامعية، والذي يحمل كعنوان فرعي له “سيرته ونقده للفلاسفة والمتكلمين”، فقد حددها في ثلاثة أهداف ، أولا في التعريف بفكر الإمام الرازي العقلي سواء كان فلسفة أو كلاما، والهدف الثاني في الكشف عن الجديد في فكره بالنسبة للسابقين له وأخيرا في الكشف عن حقيقة فكره وأصالته. وقد حاول الكاتب الابتعاد عن مجرد السرد لآراء الإمام الرازي أوالدفاع عن أصالتها، بل تعدى ذلك إلى الرد على بعضها إذا كان فيها مواقف متناقضة بالنظر إلى أن بعض هفواته، حسب تعبير الكاتب، راجعة إلى مغامراته الفكرية أو إلى تمسكه بما هو شائع دون فحص. وقد قسم رشيد ڤوڤام كتابه، الذي جاء في 335 صفحة، إلى بابين يضم كل منها أربع فصول، حيث جاء الباب الأول في عنوان عريض حول “فخر الدين الرازي عصره وحياته وآثاره”، وتضمنت الفصول الأربعة على التوالي “عصر فخر الدين الرازي، رحلته فخر الدين الرازي في عصره، ثقافة فخر الدين الرازي، آثاره”. أما الباب الثاني الذي كان تحت عنوان “أصول فكر فخر الدين الرازي”، فقد جاءت فصوله الأربعة بالعناوين التالية: “الأصول القرآنية والنبوية لفكر فخر الدين الرازي، الأصول الفكرية الإسلامية لفكره، الأصول اليونانية والشرقية لفكه، نقد فخر الدين الرازي للفلاسفة المتكلمين والفلاسفة”. ويرى الكاتب، خلال مقدمته، أن الإمام الرازي لم يكن معروفا كفيلسوف على الرغم مما لديه من مادة فلسفية قد تفوق ما عند غيره وهو ما لمسه في جميع مؤلفاته الفلسفية وغير الفلسفية، حيث يؤكد رشيد ڤوڤام أنه حاول صنع وحدة بين العالمين الطبيعي والروحي ، بمعنى انه احدث تقاطعا بين المباحث الكلامية والفلسفية لذلك قد جدد في العلمين معا، وتعتبر أعماله في هذا المجال طفرة نوعية في الفكر الإسلامي، الأمر الذي جعله يملك وجدان وفكر المسلمين مدة طويلة بفضل مدرسته الفكرية والتربوية والفكرية التي سادت قرونا.