عادت ظاهرة “التسوسي” لتظهر من جديد في مدينة بوهارون، الواقعة بولاية تيبازة، بعدما اختفت لعدة سنوات، وهي عملية مشي المرأة العقيمة أو التي تأخرت في إنجاب الأطفال حافية على الأقدام، حيث تطرق هذه الأخيرة أبواب المنازل طلبا للصدقة، حاملة معها عصا من القصب تبركا بعرف سيدي معمر الولي الصالح لهذه المنطقة بهدف الإنجاب الكلام عن عرف سيدي معمر، الذي تشتهر به المناطق الغربية، وبالضبط منطقة الشلف والتنس، يعني قيام العائلات ببعض الطقوس المتعارف عليها في مراسيم الزواج ليس بالجديد، لكن الجديد في هذا الموضوع هو أن النساء العقيمات أو اللاتي تأخرن في الإنجاب يقصدن المنازل والبيوت حافيات الأقدام طلبا للصدقة، والتي تتمثل في بعض المواد الغذائية كالدقيق والسكر والزيت وغيرها التي تستعمل لطهي وجبة غذائية كاملة تحت غطاء “عادة التسوسي”. ولتسليط الضوء أكثر على هذه الظاهرة ارتأت “الفجر” القيام بزيارة ميدانية إلى مدينة بوهارون، فكانت أول وجهة حي “لاسيتي” الذي يعد واحدا من الأحياء العتيقة بالمنطقة، ويقطنه أكبر عدد من السكان الذين ينتمون إلى عرف الولي الصالح سيدي معمر. تحدثنا مع خالتي بختة التي قالت إن سكان مدينة بوهارون لا يزالون محافظين أبا عن جد على عرف سيدي معمر إلى غاية يومنا هذا، وأن جل العائلات التي تنتمي إلى عرف سيدي ما زالوا مواظبين على بعض التقاليد والعادات التي لطالما اشتهر بها سكان المنطقة، كتقديم مهر الزواج بقيمة 20 سنتيما ذهبية تدفع لأهل العروس، بالإضافة إلى خروج العروس حافية القدمين، بعد أن يضع أهل العريس شمعتين على رأسها ويربطانهما بخمار أخضر على جبينها، ثم تزف هذه الأخيرة إلى بيت زوجها. وأضافت محدثتنا بأن الفتيات العصريات المقبلات على الزواج يقمن بدورهن بتطبيق هذه الطقوس إلى حين الوصول لقاعة الحفلات أو البيت الزوجية وبعدها يرتدين الحذاء. أما عن ظاهرة “التسوسي” تقول خالتي بختة بأن بعض الأزواج الذين يخالفون هذه العادات أو لا يطبقوا شرطا من شروط العرف، يقعون في مشاكل بعد الزواج، كالشجار الدائم بين الزوجين أو إصابة المرأة بالعقم أو التأخر في الإنجاب، وعليه يطلب منها أن ترتدي ملابس بالية وتضع الحناء في يديها ورجليها وتخرج حافية القدمين، وتذهب إلى منطقة بعيدة لا يعرفها أي شخص، حيث تحمل عصا من قصب في يديها وتقوم بطرق أبواب المنازل وتطلب صدقة قائلة “جيتكم نساوس، قاصدة صدقة من عندكم باش ربي يحن عليا بالذرية”، وفي الأخير تجمع هذه الصدقة المتكونة في بعض المواد الغذائية على اختلاف أنواعها، بعدها تقوم بتحضير وجبة وتتناولها في بيتها، وفي الليل تضع الحناء في يديها وتدعو الله كي يحقق لها مرادها. وفي هذا الشأن، روت لنا ريمة متزوجة بأنها لم ترزق بأطفال منذ 8 سنوات، رغم أنها لم تخرج على العرف، مشيرة إلى أنها قامت بعملية التسوسي وقصدت البيوت، بعدما يئست من الفحوصات والزيارت المتكررة إلى الأطباء.