لم أفهم ماذا يعني أوباما بقوله: "فرنسا وأمريكا متفقتان على استمرار المهمة في ليبيا"؟ خاصة وأن تصريحات الرئيس الأمريكي تزامنت مع عرض القذافي هدنة ووقف لإطلاق النار، رفضه الناتو. فهل بعد هذه التصريحات مازال هناك شك في النوايا الحقيقية للناتو، ولأمريكا وفرنسا تحديدا، في موقفهم من قضية ليبيا؟ صحيح أن عرض القذافي الهدنة جاء متأخرا ثلاثة أشهر، وكان بإمكانه وأبنائه تجنّب المجازر المرتكبة في ليبيا منذ البداية، وبدلا من أن يعلن بكلمته "إلى الأمام" كإشارة لبداية الحرب على من سمّاهم الجرذان، نادى بفتح حوار مع الشعب الليبي المنتفض، وقبل بالتغيير المنشود من قبل القوى الليبية المعارضة، التي رفضت أن تتحول ليبيا إلى مزرعة خاصة بعائلة القذافي، لكن هذا لن يعطي الناتو الحق في رفض أو قبول عروض القذافي، فقد سبق ونادى القذافي بفتح حوار مع الثوار، قابله الناتو أيضا بالرفض، فمنطقيا ليس الناتو من يرفض أو يقبل، لأن المسألة والخلاف يبقى ليبيا -ليبيا، ووحدهم "الثوار" من حقهم الرد على عرض القذافي، فتدخل الناتو في ليبيا حتى الآن جاء ظاهريا باسم حماية المدنيين من جرائم القذافي، وليس الوقوف حجر عثرة أمام أي حل يمكن أن يأتي من طرف أو من آخر. فهل إنهاء المهمة التي تحدث عنها أوباما هي تقسيم ليبيا إلى شرقية وغربية؟ أم هي السيطرة الكاملة لأمريكا وحليفتها فرنسا على منابع النفط في الجماهيرية ؟ أم فقط زرع المزيد من الفوضى إلى غاية أن تصبح المنطقة مهيأة لاحتضان قاعدة أفريكوم التي عارضت بلدان المنطقة وضعها في الساحل؟ لأنه لو كانت أمريكا أو فرنسا تنويان إسقاط القذافي لفعلتا ذلك في أقل من أسبوع، لكنهما لا تريدان حسم أمره الآن، لأنهما بحاجة إلى مبررات لدك المنطقة، ولتهديم كل البُنى التحتية الليبية، ليتسنى لها العودة فيما بعد والفوز بصفقات إعادة الإعمار، مثلما حدث مع العراق. ثم إن إجبار القذافي على التنحي، ليس معناه إجباره على مغادرة البلاد، مثلما يدعو إليه أوباما، فلا أظن أن هناك بلدا يقبل باستقبال العقيد على أرضه، إلا إذا قرر أوباما الإلقاء به في البحر مثلما فعل مع جثة بن لادن المزعومة.