قبل 48 ساعة عن عقد الجمعية العامة للجاحظية، المزمع تنظيمها يوم السبت 25 جوان الجاري، بمقر الجمعية بالعاصمة، تعيش الجمعية وأعضاؤها في حالة من الغليان خاصة بعد سلسلة من المؤامرات التي حيكت ضد أشخاص دون آخرين فور علمهم برغبتهم في الترشح لرئاسة الجمعية خلفا لرئيسها ومؤسسها الروائي الراحل الطاهر وطار الذي فقدته الساحة الوطنية قبل أشهر من الآن. وأسرت ل”الفجر” بعض المصادر الخاصة أنّ انتخاب الرئيس الجديد لهذه الجمعية الثقافية لن يمرّ مرور الكرام، بل سيعرف خلافات حادّة بين هؤلاء، خاصة وأن عدد من المثقفين وأعضاء الجمعية أكدوا أن التحضيرات الخاصة بعقد هذا المؤتمر جاءت في ظروف غير قانونية. أعضاء مغيّبون: ”المكتب المسير يستحوذ على الجاحظية ولديه نوايا مبيّتة” وفي هذا الصدد كشف الدكتور بن يوسف جديد، عضو المجلس الوطني للجاحظية، عن مشروع بيان سيصدره مجموعة من أعضاء المجلس الوطني والفاعلين في الجمعية في الأيام القليلة الماضية، موجه إلى المنتسبين إلى الجاحظية ومحبيها، مؤكدا أنه لم توجه له الدعوة لحضور المؤتمر حتى الآن، متوقعا أن يكون ذلك في آخر لحظة، ولا إلى مجموعة من الفاعلين في الجاحظية بحيث أن التحضير للمؤتمر المزمع عقده بتاريخ 25 جوان الجاري يتم في ”تكتّم تام”، بعيدا عن الشفافية التي طالب بها المتحدّث حيث دعا في وقت سابق إلى تعليق قوائم أعضاء الجمعية وأعضاء المجلس الوطني على ”جدار” بهو الجمعية ليطلع عليها الجميع، وهو الأمر الذي أثار انزعاج ”المكتب المسير الذي يستحوذ على الجاحظية ولديه نوايا مبيّتة”. وأكد رئيس تحرير مجلة ”التبيين”، لمدة 12 عاما، إلى غاية وفاة الطاهر وطار، حيث تم استخلافه بالدكتور علي ملاحي، بأن مطالبته بالشفافية والإعلان عن أسماء الأعضاء أُخذت بحساسية، ما جعله يحجم عن زيارة الجاحظية لمدة ثلاثة أشهر خلت لكي يبتعد عن الحساسيات، كونه أصبح ”يشكل خطرا عليهم وعائقا أمام تحقيق مبتغاهم..”. ليذهب المتحدث إلى أن الجمعية العامة المزمع عقدها يوم 25 جوان غير قانونية، لأن أعضاء المجلس الوطني المكوّن من 33 عضوا لم تتم استشارتهم جميعا: ”لقد عقدوا العزم على عقد المؤتمر، ونحن عازمون على أنه غير شرعي، لأمور سنقولها في المؤتمر، وسنحضر، ونملك كل الأدوات، وما يخوّل لنا أن نقوله في ذلك اليوم،، ونحن ربما نصدر بيانا في هذه الأيام القليلة القادمة موجه إلى كل المؤتمرين.. سنحضر المؤتمر بقوة القانون، وإذا كان لهم الحق فلهم أن يكملوا المؤتمر... أما أن يهمّش المؤسسون والفاعلون الذين أمضوا عقودا في الجاحظية فهذا عيب”. وتساءل بن يوسف جديد عما يحمله المكتب المسيّر للجاحظية المكوّن من أربعة أشخاص على الاهتمام بالجاحظية؟ وليس فيهم أديب واحد، بل إن فيهم من ليست له علاقة بالأدب والفنون، ولم يكتب سطرا واحدا، ”ولم يحصل لي الشرف أن قرأت له شيئا”.. هذا الموقف الرافض للإساءة للجاحظية وللطاهر وطار، بحسب بن يوسف جديد، هو موقف جماعي يشترك فيه مع العديد من أعضاء الجاحظية، وقد سبق له الاتصال بهم والتنسيق معهم مثل الشاعر بشير ضيف الله: ”.. وبدأتُ مشاورات، وقلت لهم لابد أن تنقذوا الجاحظية، مثل عبد الكريم قذيفة، واسيني الأعرج، وعثمان بيدي، وبوزيدة عبد القادر، منّور أحمد وعبد الحميد بورايو، واجتمعنا مرات كيف ننقذ الجاحظية.. حتى أن أحمد منور هدد بالاستقالة لأنهم أصرُّوا على الغموض، وأحجموا عن تلبية مطلب الكشف عن قائمة الأعضاء والمجلس وعدد البطاقات وأسماء المدعوين للمؤتمر”. منّور يتحدّث عن ثقل تركة الطاهر بدوره قال الدكتور أحمد منور إنه يرغب في توضيح عدّة نقاط خاصة بما حدث أثناء التحضير لعقد مؤتمر الجمعية، حيث قال: ”كان ينبغي أن يعقد مؤتمر الجمعية ويعاد انتخاب هياكلها في نهاية 2009 والطاهر وطار على قيد الحياة، ولكن مرض سي الطاهر أجل عقد المؤتمر، وكان ينبغي أن يعقد بعد وفاته، طبقا للقانون، بعد شهرين من شغور منصب الرئيس، أي في شهر أكتوبر 2010، لاسيما أن الجمعية كانت قد دخلت في مرحلة سبات كامل، وأصبح الناس يتساءلون عن مصيرها، وكان جواب القلة القليلة من أعضاء مكتب الجمعية الذين ظلوا يترددون على مقرها، ومعهم المسير الإداري ومسؤول المالية أن الظروف المالية للجمعية لا تسمح بعقد المؤتمر، ولا حتى بعقد اجتماع للمجلس الوطني. وتفهمنا هذه الظروف في حينها، ولكنني شخصيا طلبت منهم أن يهتموا بالجانب الإعلامي، وأن يعلموا الأعضاء بوضع الجمعية عن طريق البريد حتى لا يبقوا في حيرة، ثم اقترحت بعد ذلك أن يعقدوا اجتماعا ولو جزئيا للمجلس، أي بالأعضاء القاطنين في العاصمة وما جاورها من الضواحي والمدن القريبة، مثل البليدة وتيزي وزو وتيبازة، وهم يشكلون الأغلبية، مع من يستطيع الحضور من الأعضاء القادرين على تحمل نفقات السفر من الولايات الأخرى، من أجل التباحث في مستقبل الجمعية، والتشاور فيما يخص عقد المؤتمر. لكن المقترحات لم تجد أي صدى، وفهمت أنهم يعتبرون مقترحاتي تدخلا في شؤون المكتب، وربما طمعا في قيادة الجمعية، رغم أنني أفهمتهم وأفهمت غيرهم ممن سألوني في العديد من المناسبات بأنني لا أنوي الترشح، وأن دافعي هو الغيرة على مستقبل الجمعية، لأن مستقبلها يعنينا جميعا”. هذا أشار المتحدث إلى أن اجتماع المجلس لم يعقد إلا يوم 29/01/2011، أي بعد أن حصلت الجمعية على بعض المساعدات، وتفاءلنا خيرا بذلك، ولكن تبين لنا منذ اللحظات الأولى أن الاجتماع ملغم، وأنهم يريدون عقد المؤتمر حسب قائمة مسبقة تتكون كلها من المكتب، وهو ما اعترض عليه المجتمعون، وعدوه غير متطابق مع القانون، وبعد نقاش طويل ارتفعت فيه الأصوات، وتبادل الاتهامات، تم الاتفاق على تكوين أربع لجان مختلطة بين أعضاء المكتب وأعضاء المجلس، تتمثل في لجنة المالية، ولجنة القانون الأساسي، ولجنة برنامج العمل، ولجنة العضوية. موضحا أنه تم انتخابه في هذه اللجنة كرئيس لها، وبطبيعة الحال كانت أول طلباتي، يضيف منور، هي تزويدي بقائمة الأعضاء، ومن بينهم قائمة أعضاء المكتب وأعضاء المجلس، مع كشف بمن دفع اشتراكه السنوي ومن لم يدفع، مع المعلومات الضرورية عن تاريخ انخراط العضو في الجمعية، وعن نشاطه داخلها، لأنه بدون هذه المعلومات لا يمكن أن نبت فيمن تكون له الأولوية في المشاركة في المؤتمر، خاصة أن الجمعية لا تستطيع، بسبب ظروفها المالية، أن تستقبل وتؤوي وتطعم أكثر من ستين أو سبعين شخصا. ومرت أسابيع على هذا الطلب، يضيف منور، دون أن تقدم لي أية أوراق، أو معلومات، وفي كل مرة يقال لي إننا بصدد إعداد القائمة. لكنني بعد أن تمكنت من الاطلاع على القائمة لدى الموظفة المكلفة بالاشتراكات، تعرضت المسكينة للتوبيخ من قبل المتصرف الإداري، لأنها مكنتني من الاطلاع على القائمة، واكتشفت حينها أن التسويف كان مقصودا، من أجل أن لا أستطيع ضبط قائمة من يحق لهم المشاركة في المؤتمر، ومن أجل أن لا أجد ما أجمع عليه أعضاء اللجنة، بل وأن أظهر مقصرا في مهمتي. وبالفعل لم أستطع أن أعقد أي اجتماع للجنة لأنه لا يوجد ما يمكن أن نجتمع من أجله. وفوجئت منذ حوالي شهر من الآن بدعوة لاجتماع رؤساء اللجان الأربعة المذكورة، بغرض عرض النتائج التي توصلت إليها كل لجنة، وفوجئت مرة أخرى بأن أغلب الحاضرين هم من أعضاء المكتب، وأغلبهم لا يحق لهم حضور الاجتماع. وقدمت احتجاجي على تماطل المكلف بالإدارة في تقديم القوائم التي طلبتها، وهو ما تسبب في تعطيل عمل لجنة العضوية، وفاجأتهم بحقيقة أن 17 من أعضاء المكتب والمجلس، بالاستناد إلى ما طلعت عليه، لم يدفعوا اشتراكهم، مع أن دفع الاشتراك هو أول الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الأعضاء لضبط قائمة المشاركة في المؤتمر. وخرج علي المكلف بالإدارة بعذر أقبح من ذنب، يضيف منور، وهو أن القائمة تتضمن أسرار الناس، ولا يمكن خروجها من المكتب!!. مع أنه كان من قبل يتعلل بالبحث عن الوثائق، وبأن أعطيه مهلة لإعداد القوائم. ثم ما هي الأسرار التي تتضمنها القوائم؟ اسم المنخرط وعنوانه ورقم هاتفه والسنة التي انخرط فيها في الجمعية، فأية أسرار في هذا، ثم إنني لم أطلبها تطفلا، ولكنني طلبتها بصفتي رئيس لجنة العضوية، ومن الضروري أن أطلع عليها أنا وكل أعضاء اللجنة لضبط قائمة الأعضاء. وقدمت في الاجتماع تقارير عن نتائج أعمال اللجان الثلاث، باستثناء لجنة العضوية، ووقع نقاش طويل حول كل الأوراق التي قدمت، ولاسيما ورقة برنامج عمل الجمعية، ووقع الخلاف حول إقرار تلك النتائج، حيث قلت لهم: إن هذه النتائج لا يمكن أن تكون نهائية ولا تقدم للمؤتمر إلا بعد أن يجتمع المجلس الوطني للجمعية مرة أخرى ويصادق عليها، طبقا للقانون، باعتبار المجلس هو أعلى هيئة بين مؤتمرين، وبعد أن توضع ضوابط لمن تكون له الأولوية في حضور المؤتمر، وهذا لا يتم إلا بعد أن تقدم لي الإدارة كل الوثائق التي أحتاج إليها، وبعد أن تجتمع لجنة العضوية وتقدم نتائج عملها. صراع في بيت الطاهر.. نصفه خفي ونصفه ظاهر من جهته اعتبر بشير ضيف الله، الشاعر والأكاديمي الذي كان ضمن المجلس الوطني للجمعية، أن الخاسر الأكبر في رحيل ”عمي الطاهر” كان وكره الثقافي ”الجاحظية” التي انفردت بتجربة خاصة حركت الفعل الثقافي الجزائري وأثثت مشهديته بفعل رؤى وتقاليد أصبحت راسخة ومتعارف عليها سرعان ما اهتزت بفعل الموت الذي أخذ عزيزا علينا في لحظة غفوة، ولا شك، يضيف ضيف الله، أنّ الفراغ الذي مرت به، أحدث ردات فعل عديدة مع بروز حركات تدعو على ضرورة التفكير الجدي في مرحلة ما بعد ”الطاهر وطار” تجلى في صراعٍ نصفه خفي ونصفه الآخر ظاهر بين جهتين أو أكثر كل طرف يرى فيها أنه الأجدر بإعادة ”الجاحظية” إلى سابق عهدها، بقطع النظر عن النوايا، وهو ما أضفى على النشاطات التي كانت تقام كل أسبوع جوا رتيبا يعود فيها السبب الأكبر، في نظري على الأقل، إلى غياب الأب الروحي بالدرجة الأولى، وعدم امتلاك الطاقم الماسك بزمامها لآليات التنشيط الثقافي، أقصد الخبرة طبعا، الذي يضفي حراكا وتواصلا في الدرجة الثانية وهو ما يعني أن فترة الفراغ بدأت تطول أكثر. يضيف المتحدث قائلاً أن الفريق الإداري المسير لهذا الوكر الثقافي، يعكف على الإعداد للمؤتمر باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية التي تتطلبها هذه الخطوة، وعليه فإنني أعتقد، كعضو مجلس وطني سابقا، أنه لا يستقيم للجاحظية عود إلا بمجموعة من النقاط أهمها أن يأخذ بزمامها قامة أدبية وطنية وأكاديمية تحقق هدفين أساسيين أولهما المعرفة بالمشهد الثقافي وعناصره المكونة له على اعتبار أن ”الجاحظية” محج للغالبية العظمى من المبدعين والمثقفين والفنانين..وثانيهما القدرة على الارتقاء بمجلة ”التبيين” نحو الأفضل دائما من الإخراج ومن حيث الإعداد.. إضافة إلى إحياء مجلة ”القصيدة” وجائزة ”مفدي زكريا العربية للشعر، ومشروع النشر المشترك، وأن يكون أعضاء المكتب من الشخصيات الفاعلة والمؤثرة، وليس شرطا أن تكون قامات أدبية بالضرورة، فالمطلوب قدرات عملية بإمكانها دعم ”الجاحظية” ماديا ومعنويا، شخصيات لها صيتها وقدرتها على المرور بها نحو بر الأمان، بمعنى أنها تستطيع أن تضمن دعما وتواجدا لها، على نحو ما كان يوم به ”عمي الطاهر رحمه الله” الذي استثمر علاقاته لصالح ”الجاحظية” لا غير، وأن يتحول هذا الوكر إلى مؤسسة ثقافية متكاملة لها طاقمها الإداري الخاص، وإلحاقه بوزارة الثقافة إن أمكن حتى نضمن استمرارية الفعل، ومن ثمة بعث فكرة إنشاء فروع ومكاتب على المستوى الوطني، لتحقيق رسالتها الثقافية الهادفة. على الرئيس الجديد أن يعرف وطّار أما الشاعر جمال فوغالي، فقد رفض الحديث عن المؤامرات التي تحدث داخل بيت الجمعية منذ رحيل عمي الطاهر، مؤكدا على أن الأهم من هذا كله أن يدرك الرئيس الجديد للجاحظية، حقيقة الموقع الذي سيحتله أولا ولابد أن يقرأ الطاهر وطار في تكونه وإنشائه لهذه المؤسسة، بالإضافة إلى هذا عليه أن يقرأ مؤلفات وطار أولا وقبل أي شيء لكي يعرف هذا الرجل أديبا وإنسانا وكينونة أيضا، وعليه أن يحافظ على مسار الجمعية كما كانت في عهد الراحل وطار، وهي تقريبا ذات المطالب التي ينادي بها كل غيور على هذه المؤسسة التي أنشأها الراحل وطار ولم ينطفئ بريقها إلا بعد رحيله على أمل أن يتجدد برئيس جديد يكون في مستوى طموحات وأحلام المبدعين الشباب الذين آوتهم هذه الجمعية حين كان الراحل وطار على رأسها.