بعدما أصبحت مهمة التحضير لحفل الزفاف عبئا يثقل كاهل العريس والعروس وكل العائلة، واستجابة لمتطلبات مجتمع بدأ يشهد تطورات في مختلف الميادين، ظهرت مؤخرا في المجتمع الجزائري مؤسسات خاصة تتكفل بكل تحضيرات العرس ومتطلباته من الألف إلى الياء، وعلى الرغم من جل فوائدها إلا أن الكثيرين يعزفون عن اللجوء إليها خوفا من ارتفاع أسعارها هي وكالات تنحصر مهمتها الأساسية في تنظيم حفلات الزفاف، حيث تأخذ على عاتقها توفير كل متطلبات العرس، مثل قاعة الأفراح وديكورها و"التصديرة" بالنسبة للعروس والحلويات، "الديجي"، بطاقات الدعوة وحتى موكب العرس، وذلك بأخذ ميزانية طالبي الخدمة بعين الاعتبار، والتي جاءت في وقت أصبحت فيه الكثير من العائلات الجزائرية تفضّل أن "تشتري راحتها بالمال"، وبالتالي فهي توكل مهمة تنظيم الحفلات إلى جهة معينة وتتجنب كل التفاصيل التي قد تحرمها من الاستمتاع بالمناسبة بسبب بعض المنغّصات التي لا مفر منها، دون نسيان التعب الكبير الذي يشعر به الأهل عند تنظيم حفلة زفاف أو ختان. تتعاقد مثل هذه المؤسسات مع مختلف العناصر الفاعلة كمجموعة من الأطراف التي تكون على اتصال دائم ومباشر من أجل أداء هذه المهمة على أكمل وجه بما فيها قاعات الحفلات والحلاقات وكذا صانعات الحلويات وغيرها كشركات السياحة وشركات السيارات. وعوضا عن توكيله –تقول- كل عمل لجهة معينة ما يجعله يتوه بين هؤلاء، فهو بتعاقده مع مؤسسة متخصصة في هذا المجال يتفرّغ للاستعداد النفسي للمناسبة فقط. تناسب الأغنياء والمرتاحين ماديا هو ما ذهبت إليه فئة كبيرة ممن حدثناهم عن مدى رواج مثل هذه الخدمات في المجتمع الجزائري، فالسيد "علي" على سبيل المثال ربط اللجوء إليها بالأغنياء، فعلى حد اعتقاده هي تكلّف مبالغ خيالية ليس في وسع الجميع دفعها. أما عن السيدة "حياة " فأوضحت في نفس السياق إلى أن مثل هذه الأماكن مخصصة للأثرياء بحجة أن كل الخدمات التي تعرضها على أعلى مستوى، لا سيما القاعات المتواجدة بأفخم الفنادق، والأكلات المحضّرة للولائم من أرقى المطاعم، ناهيك عن المستلزمات والمتطلبات الأخرى.. حتى التصديرة تكون الملابس فيها عالية الجودة وغالية الثمن، وهو ما يجعلنا -تضيف حياة- نستبعد كليا الاعتماد على مثل هذه الوكالات، رغم أنها توفر الكثير من الجهد والعناء على صاحب العرس، فأعراس بهذه الخصائص والمعايير لا يقدر عليها سوى أصحاب "الشكارة" على حد تعبيرها. غير معروفة لدى الكثيرين من جهة أخرى، فقد وجدنا العديد من الأشخاص الذين لا يعرفون شيئا عن مثل هذه الوكالات، فهي غير منتشرة بصفة كبيرة، ففي منطقة بومرداس على سبيل المثال لم نسجل وجود مثل هذه الوكالات ما جعل سكانها لا يعرفون الكثير عنها، فغنية استغربت كثيرا عندما سألناها عن الأمر واستحسنت وجود من قد يوفّر عليها كل المتاعب والأعباء المترتبة عن إقامة عرس أو وليمة كبيرة، لتتدخل صديقتها لبنة قائلة "وكالات تقدم مثل هذه الخدمات من المؤكد أنها تطلب مبالغ باهظة"!! الخدمات التي تقدمها توحي بغلاء أسعارها هي الفكرة التي طغت على الكثيرين ممن تقربت منهم "الفجر"، فهم سواء كانوا يعرفون هذه الأماكن أم لا فإنهم دائما يرجحون فكرة أن تكون تكاليفها غالية، لربما هذا يعتبر السبب الرئيسي في عزوفهم عن التعامل مع مثل هذه الوكالات. هذا ما أكدته السيدة حنان، مالكة إحدى هذه المؤسسات والتي تأسفت على اقتصار زبائنها على الأغنياء في حين بإمكانها تقديم عروض معقولة للطبقة البسيطة والتي تفي بالغرض المطلوب ونوعية جيدة أيضا، إذ ما عل الزبون سوى التقدم واختيار الخدمة التي تتماشى مع الإمكانيات المادية التي يملكها، وذلك من خلال عرض المبلغ المالي الذي يمكن أن يصرفه على هذه المناسبة وعدد الضيوف المزمع دعوتهم، وطلب الخدمات التي يريدها من حلويات قاعة حفلات و ديكور هذه الأخيرة إذا رغب في ذلك وغيرها من الأمور التي تعرضها المؤسسة التي تهتم بأدق التفاصيل. قد تحرم البعض من الاستمتاع بلذّة الحفل في حين يرى البعض من الأشخاص أن إيكال مهمة التحضير للزفاف إلى وكالات ومؤسسات مختصة في ذلك قد يحرمهم من الاستمتاع بالمناسبة، فالسيدة "إكرام" ترى أن أجمل ما في العرس هو التقاء العائلة ومشاركة الجميع في التحضير للعرس وتجنيد كل الأفراد من الصغير إلى الكبير في مختلف الأعباء. لذلك فهي ترى أن إسناد هذه المهمة لمؤسسة يشعرها بأنها ليست صاحبة المناسبة بل مدعوة فحسب! وهو نفس ما ذهب إليه الكثيرون ممن حدثناهم عن الموضوع، وهو سبب آخر يحدّ من النشاط والرواج الجيد لمثل هذه الوكالات وخدماتها.