الآن يمكن أن نتحدث عن نوع آخر من العولمة هو عولمة الشغب! خاصة بعد الذي يجري في بريطانيا وإسبانيا وإسرائيل وليس العرب وحدهم.. بل وحتى الصين وقبل ذلك إيران! لقد تمت عولمة الحرب منذ 20 سنة تقريبا فأصبح مجلس الأمن هو الذي يأمر بشن الحروب ضد الدول.. حدث هذا في حرب البلقان.. وحدث في حرب العراق.. وحدث في حرب أفغانستان.. ويحدث اليوم في حرب ليبيا! وغدا سوريا واليمن ودول أخرى مرشحة لأن تكون أهدافا لحرب العالم باسم مجلس الأمن ضد دول بعينها لإدخالها بيت الطاعة! قبل هذا جرت عولمة الاقتصاد بوجهها القبيح بحيث عوض عولمة الرفاهية الغربية تمت عولمة البؤس.. وتزامن هذا مع عولمة المظالم الاجتماعية التي تتناول العينات الأكثر فقرا إلى جانب عولمة الدعاية والإعلام مع وجود الإعلام الفضائي! ووجدنا أنفسنا في العالم الثالث يتأثر رغيف خبزنا بالعولمة إلى درجة أن نزوة الرئيس الأمريكي كلينتون مع مونيكا لوينسكي أدت إلى نشوب مجاعات في العديد من البلدان.. بسبب عولمة التأثر والتأثير! إثر عولمة الهيمنة المالية ومنها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. واليوم صدّرت العولمة للعالم الثالث الأزمات المالية القاتلة إثر أزمة أمريكا مع البنوك! وأزمة أوروبا لاحقا مع الإفلاس. وإذن لم تعد مجالات العولمة هي المال والسلاح والإعلام فقط بل أصبحت أيضا مسائل مثل الإرهاب والشغب والفساد هي أيضا قضايا معولمة وعلى نطاق واسع! ترى ما الذي يجعل شعب الله المختار في إسرائيل يخرج إلى الشارع هو أيضا ويحمل ”يافطة” كتب عليها ”نتنياهو إرحل”! ورغم أن الشعب اليهودي هو الذي انتخبه ولم يزور نتنياهو الانتخابات لنفسه كما فعل مبارك والأسد وعلي عبد الله صالح وحتى محمود عباس؟! عندنا في بلاد العرب نحتج على عدم وجود السكن أما في إسرائيل فالاحتجاج كان بسبب غلاء السكن بنسبة 30٪ فقط! لأنه بالنسبة لشعب اليهود إذا حدث غلاء في أسعار المساكن رخص الشعب اليهودي! أما عندنا نحن العرب فلا يوجد ما هو غال فالكل أصابه الرخص والحكام على رأسنا! حتى بريطانيا العظمى اجتاحتها ثورة الشباب.. وليس الشباب الأسود أو الأسمر أو الأصفر فقط بل الشباب الأشقر أيضا! واضطر رئيس الوزراء والبرلمان البريطاني العريق إلى قطع العطلة والعودة لنجدة وزارة الداخلية وسكوتلنديار! فالأمر لا يتعلق بشغب ”كحالش” ولا إرهاب إسلاميين بل يتعلق بثورة شباب بريطاني كره من سياسة الزج ببلاده في حروب العولمة الظالمة تحت لواء أمريكا وغيرها من الدول! ما يجري في العديد من دول العالم هو مسألة جدية من الشباب إلى حكومات مؤسساتها هرمت ووصلت إلى طريق مسدود بسياسة عولمة الحرب والفساد والاستبداد والقهر والظلم. الصين هي أيضا تهتز تحت وقع الاضطرابات إلى درجة أنها قامت بغلق الأنترنت والفايسبوك تحديدا حتى لا تنتقل إليها العدوى! رغم أن الصين هي البلد الوحيد في العالم الذي وجه إلى أمريكا المفلسة إنذارا يتعلق بتحميلها المسؤولية عما يحدث في العالم من كوارث مالية اقتصادية بسبب ما تسميه الصين لجوء أمريكا إلى الإنفاق الزائد عن إمكانياتها في موضوع الحروب وا لتسلح والإنفاق العسكري! وهذا في حد ذاته تطور لافت للنظر.. فلأول مرة توجه دولة من دول العالم نقدا بهذه الصورة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي التي كانت في المجال العسكري لا تُسأل عما تفعل وهم يُسألون! لكن المضحك في أمر العولمة هذه واتجاهها نحو عولمة الإرهاب والشغب بعد عولمة الحرب والمال والإعلام.. هو حكاية اتجاه بعض الدول في الجامعة العربية المغبونة إلى تطبيق ما يسميه الزميل عز الدين ميهوبي بالعوربة! فالسعودية التي يحق للمواطن السعودي فيها أن يتحدث عن كل شيء سوى قضايا الحكم والسياسة.. هذه السعودية استدعت سفيرها في دمشق احتجاجا على عدم سماع الأسد لصوت شعبه؟! هكذا والله! بالأمس سمعت رئيس حكومة بريطانيا يتهدد المتظاهرين في لندن بالويل والثبور وعظام الأمور.. كما يفعل الأسد مع شعبه وقلت ”خلات” على بريطانيا العظمى.. لابد أن يعاملها العاهل السعودي كما عامل سوريا ويسحب السفير احتجاجا على استعمال العنف ضد المحتجين؟! ألم يسحب جلالته سفيره من قبل عندما حاولت بريطانيا محاسبة السراق والمرتشين في صفقة اليمامة؟! وحتى لو كان هؤلاء المتظاهرون في لندن بلطجية وسراقا لابد أن يتعاطف معهم جلالته كما تعاطف مع سراق لندن من قبل؟! لكن الأكثر إضحاكا من هذا كله أن ملك البحرين الذي عبأ سجون بلاده بالمتظاهرين.. ووصل به الأمر إلى استدعاء القوات الأجنبية من السعودية لقمع المتظاهرين.. هذا الأمير الذي رقى نفسه إلى ملك بالإصلاحات.. هو أيضا سحب سفيره من سوريا لأن الأسد يقمع شعبه؟! ولا يقوم بإجراء الإصلاحات المطلوبة كالتي أجراها جلالته في البحرين! لكن كل هذا يجعلنا نأمل في حدوث عولمة جديدة تضاف إلى عولمة الحرب والمال والسلاح والسلع والإعلام والإرهاب والظلم والبؤس والاستبداد.. هي عولمة الشغب الذي يكنس الحكام بلا تمييز بين الأجناس والدول والقارات!