سمعت رئيس وزراء تركيا طيب أردوغان يقول: نجحت في تطوير تركيا في العشرية الأخيرة لأنني آمنت بفكرة "أن من خدم الناس هو خير الناس"! واعتبرت نفسي وحزبي "خدام الشعب التركي وليس قادة له"! وقارنت هذا القول بما ردده حكامنا في الجزائر منذ 50 سنة، ففي سنة 1962 سموا أنفسهم "السلطة الثورية"! وبعد 20 سنة تطوروا سياسيا وسموا أنفسهم بعد ذلك "القيادة السياسية"! لكن الشعب كان دائما يعتبرهم قيادة ولكن باستبدال ياء القيادة واواً! أردوغان قال أيضا إن سر النجاح هو حسن إدارة الرجال وحسن إدارة العلم وحسن إدارة المال.. هذه هي قواعد الحكم الراشد. المال ينمو عندما يختفي الفساد.. والرجال يتفانون في العمل عندما يسود العدل.. والعلم ينمو ويتطور عندما يصبح هو أساس الحياة! قارنت ذلك بالوضع عندنا.. فالجزائر تخرج من جامعاتها ما لا يقل عن 5 ملايين جامعي.. ومع ذلك ما يزال الأميون يعششون في مؤسسات الدولة الحيوية والحساسة! في الحكومة والبرلمان وكل المؤسسات التي تعد أساس أي تطوير في البلاد. وكصحفي أحلم بأن أقابل رجب أردوغان لأسألة سؤالا واحدا: كيف نجح في جعل الجيش التركي يقتنع بفكرة تمدين الحكم ودمقرطة الحياة السياسية في تركيا؟! وكيف فهم جنرالات تركيا أن قوة الحكم المدني في تركيا هي قوة لعسكر تركيا وليست ضعفا لهم؟! في سنة 1993 سمعت أن الجنرال تواتي الملقب ب"المخ" قد زار تركيا لاستلهام تجربة تركيا في إدارة المرحلة الانتقالية عندنا في الجزائر.. وبسبب "جهلي" كتبت ضد هذه الخطوة! ولكنني الآن نادم على ذلك! فكم كان الأمر سيكون جميلا لو أن جنرالات الجزائر كانوا مثل جنرالات تركيا.. وإسلاميو الجزائر كانوا مثل إسلاميي تركيا! كم نحن في حاجة إلى "إسلامي" من طينة أردوغان لا يرى أي تناقضات بين كونه مسلما وعلمانيا في نفس الوقت.. يمارس إسلامه في بيته ومسجده ويمارس علمانيته في رئاسة الحكومة! والجزائر التي استوردت الاشتراكية من موسكو في الستينيات والسبعينيات واستوردت التزمت الديني من الشرق الأوسخ.. لماذا لا تقوم الآن باستيراد العلمانية والإسلام من تركيا! هذه العلمانية والإسلام النقي اللذين تم التزاوج بينهما في تركيا وأنجبا حكما راشدا أصبح مضرب المثل في العالم الإسلامي.