مات القذافي ليبيا ميتة عمر المختار وصدام اللذين أقاما لهما نصبا تذكاريا في ليبيا.. فمن من الزعماء العرب يجرؤ على إقامة تمثال للقذافي في بلده؟! بل من يجرؤ على استقبال جثمانه ليدفن في أرضه؟! "أحرار" الناتو في ليبيا يريدون إلقاء جثة القذافي في البحر.. حتى لا يدفن في ليبيا ويكون له قبر يزار! تماما مثلما فعلت أمريكا بجثمان بن لادن.. فهذا هو مصير من يشق عصا الطاعة عن الناتو! أمريكا في العراق سلمت صدام إلى العراقيين الحاقدين عليه ففعلوا به ما فعلوا يوم العيد! وكلينتون سلمت "للثوار" في ليبيا المعلومات الدقيقة عن وجود القذافي في مكان ما.. وتمنت أن يقتل ولا يعتقل! والقذافي "حبه ربه" لأنه قتل ولم يعتقل حتى لا يحدث له ما حدث لصدام وعمر المختار! وكما قال شاعر العرب المتنبي: إذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تموت جبانا! لم يهرب القذافي كما هرب بن علي.. ولم يختر طريق المذلة كما فعل مبارك! عاش القذافي عنيفا ومات عنيفا.. نختلف معه ولكننا نحترمه لأنه كان شهما حتى في ظلمه لبلده ولشعبه! كم كانت الصور التي عرضتها قنوات العار العربي مؤثرة وهي تنشر صور جثة القذافي في أوضاع مؤسفة جعلت أوباما يرق قلبه ويطلب من مجلس العار في ليبيا أن يحترم حقوق الإنسان في التعامل مع الجثث! قناة الجزيرة التي راعها نشر صور أفعال أمريكا في العراق في أبو غريب والفلوجة حفاظا على مشاعر "موزة" الرقيقة والمرهفة ومشاعر الشعب الأمريكي الذي لا يرضى بأفعال جيشه في العراق.. هذه الجزيرة لم تتورع عن نشر الصور الأكثر سوءا لجثة القذافي.. لأن مشاعر "موزة" في هذه أصبحت حديدا وأصبحت مشاعر ثورية ليس فيها رقة! في بلادنا قبل 60 سنة.. كان الفرنسيون عندما يقتلون الثوار يحترمون جثثهم ولا ينكلون بها.. بل في بعض الأحيان يقدمون لهم التحية العسكرية.. لكن "ثوار" ليبيا (المسلمين) يتصورون مع الجثث وهم يضحكون! وعندما شاهدت تلك الصور المؤسفة أيقنت أن هؤلاء من سلالة أبو لؤلؤة المجوسي الذي غرس خنجره في ظهر الخليفة عمر بن الخطاب وهو ساجد لله في بيت الله! ومن يغمد خنجره في ظهر أعدل حاكم عربي عرفته البشرية لا يستبعد أن ينكل أحفاده بجثة أظلم حاكم عربي! الناتو والغرب عموما يريدون إبراز وجه الإسلام هذا الذي فعل بأفغانستان ما فعل وفعل بالجزائر ما فعل من مجازر وفعل بالعراق ما فعل.. وفعل بليبيا ما فعل وفعل بالصومال ما فعل.. وسيفعل بمصر واليمن وسوريا ما يراد له أن يفعل! حتى تترسخ الصورة المطلوبة في أذهان الغرب بأن الإسلام الذي أخذ بتلابيب الشارع العربي سيكون أكثر دموية من الحكام الظلمة الذين ثار ضدهم هذا الشارع بمساعدة الغرب. وهكذا يسلمنا الناتو من الحكام الدمويين الظلمة إلى ظلاميين أكثر دموية من الحكام.. إسلاميون "ثوار" ولكنهم ينكلون حتى بالجثث وليس بالأحياء فقط! القذافي هرب بجلده إلى الآخرة وترك ليبيا في جحيم مقيم!