الدباشي ل”الفجر”: “اللقاء كان منتظرا منذ أسابيع والتقارب بين البلدين ليس بحاجة لوساطة” مصنع “رونو” ويورانيوم “أريفا”.. عناوين ل”الابتزاز” يرى الكثير من المتابعين أنّ تعاطي الدبلوماسية الجزائرية مع التغيّرات الجيو-سياسية الأخيرة بالمنطقة، كان مخالفا للسمعة التي عُرفت بها سابقا في الدوائر الأممية والإقليمية والعربية، في الوقت الذي يشتد فيه عضد اليد القطريّة في المنطقة، إلى درجة “الريبة”، خصوصا ما تعلّق ب”شبهة” العلاقة القطرية-الفرنسية من جهة، وارتفاع صوت الدوحة في منابر السيادة العربية، من جهة أخرى، على حساب أصوات دول عربية أخرى، تملك تاريخا دبلوماسيا أثقل من وزن عدد سكان قطر مجتمعين. حول الدور الحاسم الذي تلعبه الإمارة الخليجية، مؤخرا في المنطقة، ومقارنة تحركاتها السريعة بالتحركات الجزائرية الثقيلة، وحول التحالف الفرنسي-القطري واللقاء الجزائري-الليبي بالدوحة، أول أمس، وحول أحداث إقليمية ذات صلة، تحاول “الفجر” أن تستفز الأسئلة... القسم الوطني حملت زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الدوحة للمشاركة في قمة الدول المصدرة للغاز، أجندة سياسية بامتياز، حيث التقى لأول مرة برئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، بحضور أمير قطر، وهي القمة التي كانت منتظرة منذ أسابيع حسب ما أدلى به سفير ليبيا بالأممالمتحدة ل”الفجر”. صنع لقاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة برئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، حدثا بارزا في منتدى رؤساء دول وحكومات البلدان المصدرة للغاز، باعتباره أول لقاء رسمي رفيع المستوى بين الجزائر وليبيا ما بعد سقوط نظام معمر القذافي. وتم اللقاء بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الجزائرية، بحضور أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. ولم تكشف برقية “وأج “ فحوى المحادثات التي تمت بين رئيس الجزائر والسلطات الجديدة بليبيا وأمير قطر. وكان لقاء رفيع مرتقبا بين الرئيس بوتفليقة ومصطفى عبد الجليل بالجزائر، على هامش الزيارة التي كانت مرتقبة لوفد المجلس الانتقالي الليبي للجزائر، وهي الزيارة التي رتبت أجندتها للعديد من الملفات، وإن كان أغلبها أمني كتأمين الحدود واسترجاع الأسلحة الليبية المسربة من المخازن العسكرية لنظام القذافي، لما لها من تداعيات على مسائل مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، إلى جانب ملفات دبلوماسية كمستقبل العلاقات الدبلوماسية الثنائية وفي إطار اتحاد المغرب العربي، غير أن تركيز الانتقالي الليبي على تشكيل حكومة ليبية انتقالية يرتقب أن يعلن عنها هذا الأحد كان وراء تأجيل هذه الزيارة التي رتب لها مراد مدلسي عن الجانب الجزائري وومحمود جبريل عن الجانب الليبي مباشرة بعد اعتراف الجزائر بسلطات المجلس الانتقالي الليبي في سبتمبر الأخير. وفي هذا الصدد قال إبراهيم الدباشي ممثل المجلس الانتقالي الليبي بهيئة الأممالمتحدة، في تصريح خاص ل”الفجر”، إن اللقاء بين الرئيس بوتفليقة والسيد عبد الجليل كان مطلوبا ومنتظرا منذ أسابيع، وعن حضور أمير دولة قطر اللقاء الذي أثار العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، ما أعطى انطباعا بأن قطر هي مهندسة القمة الأولى من نوعها بين الجزائر وليبيا مابعد القذافي، خاصة وأن وزير خارجيتها حل في زيارة للجزائر ساعات بعد تسرب معلومات بتحضير زيارة للمجلس الانتقالي الليبي، أورد الدباشي أن “التقارب الجزائري الليبي في صوره الجديدة ليس بحاجة إلى وساطة مهما كانت جنسيتها”. تسليم عائلة القذافي ليس من أولويات ليبيا حاليا وعن فحوى اللقاء سربت مصادر دبلوماسية ليبية ل”الفجر” أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عبر عن تمنيات الجزائر بإنهاء حالة العنف وعودة الاستقرار إلى ليبيا في أقرب وقت، كما طمأن رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، حسب نفس المصدر، بأن إجراء فرض تأشيرة على الجزائريين الراغبين في دخول الأراضي الليبية “قرار ليس نهائيا بل إنه محتمل وإن حصل سيكون مؤقتا لضبط الحدود وترتيب البيت الليبي الداخلي”، وهو ما أكده ممثل السلطات الليبية بالمجلس الانتقالي ل”الفجر”. ولم تذكر مصادرنا إن كان ملف تسليم عائلة القذافي المتواجدة بالجزائر لاعتبارات إنسانية منذ أوت الماضي في اللقاء، غير أنها أوردت أن المسالة ليس من أولويات ليبيا في الوقت الحالي. رشيد. ح لضمان استقرار استثماراتهما الضخمة في دول الجوار فرنسا وقطر تتبادلان أدوار الضغط على الجزائر مصنع “رونو” ويورانيوم “أريفا”.. عناوين ل”الابتزاز” لا يختلف اثنان حول أن الزيارات المتتالية للمسؤولين القطريين إلى الجزائر لا يمكن تصنيفها في إطار توطيد العلاقات الثنائية فقط؛ بل تحمل أبعادا ومصالح اقتصادية كبيرة، إلى درجة أن أصبحت تتداول الزيارات إلى بلادنا مع فرنسا، لتكشف المعطيات الجديدة عن تفاهم ثنائي بين هذين البلدين، إن لم نقل “تحامل” على الجزائر لفرض تواجدهما اقتصاديا على أراضينا، ومنه تسيير مصالحهما الاقتصادية في الدول المجاورة. أفرزت “الثورات العربية” الأخيرة التي شهدتها العديد من دول العالم العربي معطيات جديدة على الساحة السياسية، برزت من خلالها رغبة قطر في لعب الأدوار الأولى في منطقة الشرق الأوسط وحتى في منطقة شمال إفريقيا، بعد أن نجحت في افتكاك منصب الأمين العام للجامعة العربية من مصر ووصل بها الحد إلى تهديد بعض الدول بالعقوبات الدولية إذا رفضت الانصياع لتوجيهاتها وقراراتها. واتضح مع مرور الوقت أن “المعطيات الجيدة كشفت عن وجود تفاهم أو تواطؤ بين فرنسا وقطر من أجل دفع عجلة استثماراتها في الجزائر وحماية مصالحها الاقتصادية في هذا البلد الذي يعد حسبهما بلدا استراتيجيا وموقعه كبوابة شمال إفريقيا يسمح لهذين البلدين بمراقبة استثماراتهما الاقتصادية في الدول المجاورة انطلاقا من الجزائر“. وقد وصل التواطؤ بين فرنسا وقطر إلى درجة الحديث عن تغيير لوائح مجلس الأمن حتى لا تحدد العضوية فيه بالمساحة وإنما بالدور الإقليمي الذي يلعبه البلد المرشح، وبالتالي زيادة الطموح القطري للعضوية في هذا المجلس ما دامت السياسة القطرية المنتهجة تستجيب مع المنهجية التي تسطرها الدول العظمى في الشرق الأوسط أو في إفريقيا وبإمكانها أداء المهمة على أحسن وجه مثلما فعلته في تونس، ثم مصر وفي الأخير ليبيا. إلا أن الاستراتيجية الفرنسية القطرية تختلف في الجزائر، والبلدان يبحثان عن التوغل وإشراك الجزائر حتى في مشاريعهما، حيث كانت قطر وراء إقناع فرنسا ببناء مصنع لسيارات “رونو” في الجزائر كونها مساهمة في الشركة الفرنسية بنسبة 25 بالمائة ودخولها السوق الجزائرية هو استمرارية لاستثمارات البلدين. ويجري الحديث عن توسط قطر لدى الجزائر لإقناعها بضرورة الاستثمار في الشركة الفرنسية التي تعمل في مجال استغلال اليورانيوم “أريفا” في النيجر، وفي حال قبول المساهمة في رأسمال الشركة فهذا يعني أن “الشركة الفرنسية ستضمن تأمين الجزائر لهذه المؤسسة وعمالها الذين يعانون من الاعتداءات المتكررة لتوارڤ النيجر كونها تعمل حاليا على تراب هذا البلد”. كما تسعى قطر إلى التوسط لدى الجزائر لصالح فرنسا للتنقيب عن اليورانيوم بمنطقة تمنراست التي تعد إحدى أكبر الأماكن التي توجد بها مناجم اليورانيوم، ومنه قطع الطريق على الأمريكان الذين يريدون الاستثمار في هذا المجال، وبالتالي تتبادل كل من قطر وفرنسا الأدوار للإبقاء على الجزائر إلى جانبها بحي تلعب فرنسا دورا لتأمين استثماراتها ونفس الشيء بالنسبة لقطر لا سيما وأن كلا البلدين يملكان استثمارات كبيرة في الدول المجاورة على غرار النيجر وليبيا والحفاظ عليها يمر حتما عبر الجزائر.